وأما العطف
  المعطوف لم يمكن تقييد مجيئه بما يفيد تأخره، والمراد بالكون لتفصيل المسند إليه من أن يكون تفصيله مقصودا لذاته أو ليتوسل به إلى غرض آخر (أو المسند كذلك) أي تفصيل المسند مع اختصار.
  والأوضح الأخصر معه وفيه أن لا تفصيل في جاءني زيد فعمرو بمعنى ذكر كل منهما منفصلا عن ذكر الآخر بل كلاهما ذكرا بقولك جاء، نعم فيه تفصيل بمعنى بيان خصوصيته في كل لم يفهم من ذكر المسند إلا أن يقال العطف أفاد تذكر المسند في المعطوف بخصوصه، فكأنه ذكر بعبارة منفصلة عن عبارة ذكرتها للمعطوف عليه، والمراد بكونه لتفصيل المسند أن الداعي إليه تفصيل المسند إما لذاته أو ليتوسل به إلى غرض نحو جاء زيد فعمرو بساعة فإن تفصيل المسند بالعطف ليتأتى التقييد بساعة واحترز بقوله كذلك عن نحو جاء زيد بعيد أن جاء عمرو فإنه لتفصيل المسند لكن لا اختصار فيه قال الشارح المحقق: احترز به عن نحو جاءني زيد وعمرو بعده بيوم أو سنة وفيه بحث؛ لأن المقصود بهذا التركيب ليس من مقاصد العطف حتى يكون الاختصار داعيا إلى اختيار العطف عليه كيف وشئ من الفاء وثم وحتى لا يفيد التعقيب بيوم أو سنة فلإفادة التعقيب بلا مهلة مقام يقتضى الفاء ولإفادة التعقيب بيوم مقام يقتضى هذا التركيب، وليس ترجيح العطف عليه للاختصار، بل لأنه لا يفيد ما يفيده العطف على أنه لتفصيل المسند مع اختصار، إذ لو لم يعطف لاحتيج إلى ذكر المسند (نحو جاءني زيد فعمرو)(١) فإنه قد يدل على أن مجئ عمرو يفيد مجئ زيد ففيه تفصيل للمسند على وجه الاختصار فإن قلت: العطف فيما يجعل لتفصيل المسند يشتمل على تفصيل المسند إليه أيضا فينبغي أن يقول: أو التفصيل المسند أو المسند إليه.
  كذلك قلت: تفصيل المسند إليه في هذه الصورة ليتوسل به إلى تفصيل المسند فإنه لا يتأتى تقييد المسند بالتعقيب على أخصر وجه إلا بعد نسبته إليه، وما يكون لداع هو وسيلة إلى أمر آخر كثيرا ما يطوى في بيان الداعي إليه الغرض الأول ويكتفى بالغرض الثاني، كما يقال تعريف المسند إليه بالإشارة لتحقيره مع
(١) أي المراد: جاء زيد فجاء عمرو، أو ثم جاء عمرو ... إلخ حتى يستقيم الكلام على أنه عطف للمسند.
انظر الإيضاح ص ٥٨.