الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم،

العصام الأسفراييني (المتوفى: 945 هـ)

التشبيه

صفحة 75 - الجزء 1

  الظلمة، فلا يهتدى للطريق، ولا يأمن أن ينال مكروها شبّهت بها، ولزم بطريق العكس: أن تشبه السنة - وكل ما هو علم - بالنور، وشاع ذلك حتى تخيّل أن الثاني مما له بياض وإشراق؛ نحو: (أتيتكم بالحنيفيّة البيضاء)⁣(⁣١).

  (٢/ ١٤٤) والأول على خلاف ذلك؛ كقولك: شاهدت سواد الكفر من جبين فلان؛ فصار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع، كتشبيها ببياض الشّيب في سواد الشباب، أو بالأنوار مؤتلفة بين النبات الشديد الخضرة؛ (٢/ ١٤٥) فعلم فساد جعله في قول القائل: «النّحو في الكلام كالملح في الطعام» كون القليل مصلحا والكثير مفسدا؛ لأن النحو لا يحتمل القلة والكثرة؛ بخلاف الملح.

  (٢/ ١٤٥) وهو إما غير خارج عن حقيقتهما؛ كما في تشبيه ثوب بآخر في نوعهما، أو جنسهما أو فصلهما. أو خارج صفة؛ إما حقيقية، وهي إما حسية كالكيفيات الجسمية مما يدرك بالبصر: من الألوان، والأشكال، والمقادير، والحركات، وما يتصل بها، أو بالسمع من الأصوات الضعيفة، والقوية، والتي بين بين، أو بالذّوق من الطعوم، أو بالشمّ من الروائح، أو باللمس من الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والخشونة والملاسة، واللّين والصلابة، والخفة والثقل، وما يتصل بها، أو عقلية، كالكيفيات النفسانية: من الذكاء والعلم، والغضب والحلم، وسائر الغرائز. وإما إضافية؛ كإزالة الحجاب في تشبيه الحجة بالشمس.

  (٢/ ١٥٤) وأيضا⁣(⁣٢): إما واحد، أو بمنزلة الواحد؛ لكونه مركّبا من متعدد، وكلّ منهما حسى، أو عقلي، وإما متعدد كذلك، أو مختلف:

  والحسى طرفاه حسيان لا غير؛ لامتناع أن يدرك بالحس من غير الحسى شيء. والعقلي أعم؛ لجواز أن يدرك بالعقل من الحسى شئ؛ ولذلك يقال:

  التشبيه بالوجه العقلي أعم.


(١) أخرجه أحمد بنحوه في المسند ٥/ ٢٦٦ ولفظه: «إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكنني بعثت بالحنيفية السمحة» وأورد الشيخ الألبانى نحوه في الصحيحة ح (١٧٨٢).

(٢) أي وجه التشبيه.