[وصية أمير المؤمنين لولده الحسن @]
  إِيَّاكَ وَالْاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى، فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوْكَى، وَفِي تَرْكِهَا خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى، ذَكِّ قَلْبَكَ بِالْأَدَبِ كَمَا تُذَكَّى النَّارُ بِالْحَطَبِ، لَا تَكُنْ كَحَاطِبِ اللَّيْلِ، وَغُثَاءِ السَّيْلِ، كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ، وَصُحْبَةِ الأَحْمَقِ شُؤْمٌ، الْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارِبِ، وَخَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ، بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً، مِنَ الْحَزْمِ الْعَزْمُ، سَبَبُ الْحِرْمَانِ التَّوَانِي، لَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ، وَلَا كُلُّ غَائِبٍ يَؤُوبُ، مِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ، وَمَفْسَدَةُ الْمَعَادِ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ عَاقِبَةٌ، رُبَّ أَدِيبٍ مُفَرِّطٍ، رُبَّ سَاٍع مُضَيِّعٍ، التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ، لَا خَيْرَ فِي مُعِينٍ مَهِينٍ، وَلَا فِي صَدِيقٍ ظَنِينٍ، لَا تَبْنِيَنَّ فِي أَمْرٍ عَلَى غُرُورٍ، مَنْ حَلُمَ سَادَ، وَمَنْ تَفَقَّهَ ازْدَادَ، لِقَاءُ أَهْلِ الْخَيْرَاتِ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ، وَإِيَّاك أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ، إنْ قَارَفْتَ سَيِّئَةً فَعَجِّلْ لَهَا تَوْبَةً، لَا تَخُنْ مَنِ ائْتَمَنَكَ وَإِنْ خَانَكَ، وَلَا تُذِعْ سِرَّهُ وَإِنْ أَذَاعَ سِرَّكَ، لَا تَسْتَوْثِقُ بِثِقَةٍ رَجَاءً، لَا تُخَاطِرْ بِشَيء رَجَاءَ أَكْثَرَ مِنْهُ، جُدْ بِالْفَضْلِ وَأَحْسِنِ الْبَذْلَ، قُلْ لِلنَّاسِ حُسْناً، قُلْ مَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَيْهِ، أَوْ تَنْدَمَ إِنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيْهِ، مِنَ الْكَرَمِ الْوَفَاءُ بِالذِّمَمِ، الصُّدُوُد آيَةُ الْمَقْتِ، الْإِنْقِبَاضُ يَجْلِبُ الْعَدَاوَةَ وَالْخِلْطَةُ تُورِثُ الْمَحَبَّةَ، كَثْرَةُ الْعِلَلِ آيَةُ الْمَلَلِ، مِنَ الْكَرَمِ صِلَةُ الرَّحِمِ، وَالتَّجَنِّي وَجْهُ الْقَطِيعَةِ.
  احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ، وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالْمُقَارَبَةِ، وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الْعُذْرِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَلَيْكَ.
  وَإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ، لَا تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ، وَلَا تَعْمَلْ بِالْخَدِيعَةِ فَإِنَّهَا خُلُقُ اللِّئَامِ، وَامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ، حَسَنةً كَانَتْ أَمْ قَبِيحَةً، لَا تَصْحَبَنَّ الْإِخْوَانَ بِالْإِدْهَانِ، صَاحِبْهُمْ