الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  نصل إلى مرحلة جديدة من مراحل دراسة كتاب معاهد التنصيص - مرحلة الشاهد البلاغي - والهدف من هذه المرحلة إثبات التأثير الثقافي والحضاري في صاحب الكتاب عندما وضع تأليفه هذا.
  بعد ما أتممت في الفصول السابقة دراساتي لنموذج من نماذج التأليف البلاغي والأدبي والنقدي في القرن العاشر الهجري، حيث تعرفت على هذا الصرح التأليفي فعرضت لصاحبه وأبرزت قيمته بين كتب المكتبة العربية واستخلصت مصطلحات البلاغية في علومها المختلفة عارضا إياها في سياق اللغة والبلاغة والتاريخ وهدفي من ذلك وصولي إلى القيمة البلاغية التي يحويها هذا المؤلف، وجب العرض للشاهد البلاغي من منظار التأثر بالبيئة الثقافية التي نشأ فيها العباسي وتغذى من ربيعها وكتب بمدادها.
  وأظن الحديث الموجز عن بدايات المصنفات البلاغية في مصر خصوصا يساعدني فيما أصبو إليه، فكان كتاب «المنصف في بيان سرقات المتنبي» لابن وكيع التنيسي «٣٩٣ هـ» أول كتاب يعنى بمباحث البلاغة في بحثية: مبحثا في السرقات الشعرية، ومبحثا في فنون البديع. ولعلّ أول كتاب بلاغي ألّف في مصر بالمعنى الدقيق للبلاغة كتاب «غرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات» لعلي بن ظافر الأزدي المصري «٦٢٣ هـ» وسبقه في ذلك ابن أبي عون «٣٢٣ هـ» في كتابه «التشبيهات».