الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  أعماله الشعرية أو الأدبية بادئا هذه الترجمة بذكر مولده متتبعا لأخباره التطورية منتهيا بخبر وفاته، والعباسي يسير في هذه الطريقة مع جميع قائلي شواهده البلاغية التي أوردها في كتابه(١).
  ز - شواهد العباسي البلاغية عكست سمة القرن العاشر الهجري التأليفية، حيث الصفة الشارحة لمؤلفات سابقة أي أنها تناولت أمهات الكتب وكانت هذه التأليفات شديدة الصلة بالأصول التي اعتمدتها فكانت ذات صبغة تعليمية لا ينكرها منكر، والعباسي وليد هذه البيئة وربيبها فرأيناه نوع ثقافته وكان كالحدائقي البارع الذي تعلم فن زراعة الورود وطبق هذه المعرفة بإنشاء أجمل حديقة، وهكذا فعل حيث معرفته الدقيقة لعلوم متنوعة كالأدب والتفسير والحديث واللغة فأجاد الأخذ منها وبثّها جميعا في مؤلفه هذا وشواهده هذه تؤكد لنا هذه الفكرة فلم يقف مثلما وقف أصحاب مؤلفات البلاغة في القرون السابقة، السادس والسابع والثامن أمام المصطلحات البلاغية عارضين إياها كقاعدة جامدة تشبه إلى حد قريب القاعدة النحوية لها شاهد يوضحها فالدارس يحفظ هذه القاعدة ويتمثلها بشاهد يعجز إذا افتقدته الذاكرة فيشطب هذا المصطلح وتصبح البلاغة نسيا منسيا، وانما أشاهد العباسي عالما متعلما مطبقا النظرية بواقع تعليمي دقيق واسع يعجز على قارئه نسيان معالمه أو الوقوف كحافظ لقواعد علم واسع له معطياته التي لا يمكن أن يتناساها أو يتحاشاها شارح أو دارس أو مؤلف.
(١) انظر معاهد التنصيص ١: ١١٥ - ٢: ١١٥ - ٢: ٣١٢.