الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  فالعباسي غزير المعرفة واسع الاطلاع دقيق الأخذ، طبق هذه الأمور المجتمعة ليعطي للشاهد البلاغي رونقا خاصا يستطيع الدارس إثراء معلوماته الأدبية ضمن معرفة دقيقة لمصطلحات بلاغية كادت أن تفقد رونقها وتنحسر في كتب البلاغة يتردد الدارس إذا أراد الاطلاع والبحث.
  فالمصطلح يعززه الشاهد والشاهد يعززه كمّ هائل من الشواهد المشروحة المفسرة لهذه القاعدة وهذه الشواهد يزينها التنوع المعرفي حيث الإطار النحوي واللغوي والنقدي والأدبي والتاريخي، كل هذه الأطر اجتمعت في مصطلح واحد لتفسره تفسيرا لا يقبل النسيان، عاكسة لثقافة الكاتب التي لا تجعل للشك مجالا في غزارتها مبرهنة أن هذه الشروح حركة تأليفية ذات صبغة خاصة ظهرت في قرن هجري لها وظيفتها التي لا يمكن تجاهلها أو إهمالها باعتبارها مؤلفات بلاغية زادت الفنون البلاغية تعقيدا وجمودا عندما اتسع حجم المؤلف، وعندما نعيد النظر بشواهد العباسي باعتباره أحد أبرز علماء هذه الفترة التاريخية أقول أن هذه الشواهد هي مرآة عاكسة للبيئة الثقافية الشائعة التي عزّز العباسي شخصيته الثقافية بها وترجمها بمؤلّف خدم مؤلّف بلاغي سابق له.
  وأكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الشواهد التي عرضها العباسي دون ذكرها تجنبا للتكرار، فالدارس لكتاب معاهد التنصيص» لن يجد صعوبة في استجلاء التنوع المعرفي لعرض الشاهد البلاغي(١).
(١) انظر معاهد التنصيص ٣: ٢٦٠.