الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  ٣. في شواهده البلاغية لا يتردد في إيراد طرفة أو نادرة تضفي نوعا من التجديد في سمع الدارس.
  ٤. عند ذكر شواهده نراه يتجنب ذكر الخلافات النحوية أو الفلسفية بل يكتفي بذكر الرأي الأرجح معللا هذا الرأي.
  ي - وختاما أرى في شواهد العباسي معلما ثقافيا برز في القرن العاشر ويتمثل في محاولة المؤلفين - القاصدين إلى تربية جيل وتنمية فكر عام - إلى التوجه التوحيدي لعلوم العربية، فكما سبق الحديث عن تاريخ البلاغة أن علومها استقرت في فنونها بعد مضي قرون طويلة حيث كانت مندمجة مع غيرها من علوم كالنقد مثلا، واستمر هذا الفصل حتى جاء الشرّاح وأعادوا الدمج لهذه العلوم عن طريق شواهد فنون البلاغة، فشرح الشاهد يتطلب الحديث اللغوي والنحوي والنقدي والعروضي والتاريخي وهذا ما شاهدته في شواهد العباسي، فشاهده له رونق بلاغي خاص عندما جعل الشواهد شارحة لفنون البلاغة الثلاثة ولكنه يضيف مسحة من العلوم الأدبية الأخرى لهذه الصبغة، وبهذه الطريقة خرج كتابه هذا بقالب الموسوعة التأليفية الأدبية وهي الصفة العامة لمؤلفات القرن العاشر.
  وهكذا كان كتاب العباسي هذا والذي أطلق عليه اسم «معاهد التنصيص» لحاجة في نفس العباسي قضاها صورة صادقة معبرة لمعلم تفكيري ومنهج عقلي وحاجة بيئية اقتضتها الحاجة الفكرية والنفسية