الدرس الرابع عشر أهمية الكلمة
  للإنسان كما ورد مأثوراً عن خير البشر ÷.
  والإنسان كذلك لم يستح من الله وهو المطلع عليه، ولم يستح كذلك من الملائكة الكرام الكاتبين الذي يعلمون ما يفعله، فلم يحترم أعراض المؤمنين، ولم يحافظ على حقوق عباد الله المسلمين، فهو يطلق الكلام على عواهنه على أي شكل وقع، مع العلم أنه يعلم كل العلم بنتائج ذلك المدمرة نتائجه المهلكة.
  فكم من كلمة من هذا أشعلت حروباً ودكت شعوباً كثيرة، وكم من كلمة فرّقت وشتت أمة كانت واحدة متماسكة، وكم من كلمة شتت أسراً وأخوةً وأصدقاء، وكم من كلمة باطل محت سنّة وأحيت بدعة، وثبّطت مجاهداً في سبيل الله، وركّزت منافقاً عدوّاً لله.
  يؤكد هذا الحديث النبوي الشريف، الذي رواه الإمام الهادي # في كتابه (الأحكام) قال #: وبلغنا عن رسول الله ÷ أنه قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أنها تبلغ ما بلغت فيكتب اللهُ له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة»(١). نحن نعرف الجانب الإيجابي للكلمة معرفة ربما لا تحتاج إلى تفصيل، وذلك أن يكون الإنسان في حياته بلسانه ذاكراً لله سبحانه وتعالى بكل ما تعني كلمة (الذكر) من معنى.
  ولنشر إلى الجانب السلبي للكلمة باختصار، فأضرار اللسان عظيمة في الدنيا والآخرة، ومنها ما يلي:
  ١ - الكلام فيما لا يعنينا ولا يخصنا ولا فائدة لنا فيه، ولا هدفاً صالحاً من وراءه: في هذا النوع ضياع العمر - رأس مال المسلم في الحياة - فحياة الإنسان هو عمره، وهو الذي بواسطته يصل إلى الجنة، وبقدر تصريفه يربح ما أعده الله لعباده في دار الخلد، فلقد روي عن الرسول ÷: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى
(١) الأحكام: ٢/ ٥٤٨.