الدرس الثاني الموعظة الثانية
  بينك وبينه، ستر يواريك منه.
  أما استحييت من مولاك؟! وقد علمت أنه يراك، أما خفت العقوبة حين آثرت على تقواه هواك؟!
  تأملوا قول الله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ١٢٣ [النساء]. وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢٥}[آل عمران].
  ولقد قال الشاعر:
  إذا أمسى وسادي من تراب ... وبت مجاور الرب الرحيم
  فهنأني أُصْيَحابي وقالوا ... لك البشرى قدمت على كريم
  أيها الخاطئون العاصون، أيها المفسدون، أيها المذنبون، مالكم لا تتوبون؟! مالكم لا ترجعون؟! مالكم لا تخافون؟ أمعكم صبر على النار؟ ألكم في ذلك اعتذار، ألا تخافون نار الجحيم؟! وشراب الحميم؟! وطعام الزقوم؟! ولباس القطران؟! ألا إن جهنم حرها لا يبرد، وعذابها لا ينفذ، ولهبها لا يخمد، إلى كم هذه الغفلة؟!
  كم تعصون المعبود، ارجعوا إلى الله في وقت المهَل، قبل أن ينقطع الأجل ويرفع العمل، فإن الله يقبل التوبة، ويكفّر الحوبة.
  لا تُخسروا الميزان، ولا تبخسوا المكيال، لا تسيئوا الأعمال، لا تصحبوا الأنذال، لا تضيعوا الصلاة، توبوا إلى المطلع عليكم في الخلوات.
  أيها الخائن بالعين والفؤاد، تب إلى الملك الجواد، قبل أن يُسلط عليك ملائكة غلاظ شداد.
  أيها المؤذي للجيران، تب إلى الملك الديان، قبل سرابيل القطران.
  يا صاحب الكذب والزور، تب إلى الله قبل الويل والثبور. أيها الباهت