الدرس الثالث الضامئة أكبادهم في الميزان
الدرس الثالث الضامئة أكبادهم في الميزان
  قال لقمان لابنه: (يا بني خُلِق الإنسان ثلاثة أثلاث: ثلث لله، وثلث لنفسه، وثلث للدود والتراب، فالذي لله روحه، والذي لنفسه عمله، والذي للدود والتراب فجسده، يا بني فالعاجز الخاسر من ينْصَبُ ويشقى للدود والتراب). ولقد روي عن الرسول ÷: «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين الضامئة أكبادهم، وعزتي لأروينّهم اليوم، قال: فيؤتى بالصائمين فتوضع لهم الموائد، فإنهم ليأكلون والناس يحاسبون».
  الصوم من أعظم الطاعات المقربة إلى رضوان الله، وهو بحق باب العبادة، فمن فضائله أنه أخفى الأعمال وأبعدها عن الريا، وأسلمها من الآفات، ولهذا قال النبي ÷: «كلُّ حسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلاّ الصوم، قال الله تعالى: «الصوم لي وأنا أجزي به»».
  وقال ÷: «لكل شيء باب، وباب العبادة الصوم».
  أخي المؤمن ... ليس لنفسك خلف، ولا لأيامك عوض، ولا لأعمالك إذا ختمت بدل، فانظر لغدك، فإن مركبك الليل والنهار يسيران بك وإن لم تسيِّرْهما، ولن يقفا بك وإن استوقفتهما، وعن قريب يحطانك منزل البلاء والبلوى، فمنه إلى دار القرار، وإما إلى دار البوار، التوبة ... التوبة قبل هجوم النوبة، وقبل أن يقتحمك الأجل فيخذلك الأمل، جهدَك ... جهدَك قبل أيام البلاء، والليلة التي تتوسد فيها على الثرى، التقمك التراب، ومن ورائك الحساب، فإما إلى نعيم الجنان، وإما إلى أليم النيران.
  فواحسرتنا يوم الندامة عند صيحة القيامة، إذا قلنا: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}[الكهف].