الدرس الثلاثون النار وجحيمها والجنة ونعيمها
الدرس الثلاثون النار وجحيمها والجنة ونعيمها(١)
  أيها القارئ الكريم ... إنها النارُ، وما أدارك ما النار؟
  في كتاب (الاعتبار وسلوة العارفين)(٢) للإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني #: أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه ÷: «لما خلق اللّه الجنة، قال لجبريل #: اذهب، فانظر إليها فنظر إليها. فقال: لا يسمع بها أحد إلا دخلها. ثم حَفَّها بالمكاره. ثم قال: اذهب، فانظر إليها فنظر. فقال: يا رب، وعزتك، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. فلما خلق اللّه النار. قال: اذهب، فانظر إليها. فقال: لا يسمع بها أحد فيدخلها، ثم حَفَّها بالشهوات. وقال: اذهب، فانظر إليها. فقال: يا رب، وعزتك، لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها».
  النار ... حالها أعظم من أن يوصف، وعذابها أكبر من أن يكيف، فبينما أهل الإجرام والآثام في المحشر على ما أصابهم من تلك النكالات إذ غشيتهم ظلمات ذات شعب، وأظلت عليهم نار ذات لهب، وسمعوا لها زفيراً وجرجرة، تفصح عن شدة الغيظ والغضب، فأيقن المجرمون عند ذلك بالعطب، وجثت الأمم على الركب، وخرج المنادي من الزبانية قائلاً: أين فلان بن فلان المسوف نفسه في الدنيا بطول الأمل، المضيع عمره في سوء العمل؟ فيبادرونه بمقامع من حديد، ويسوقونه الى العذاب الشديد.
  يقول الله تعالى في كتابه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ١٨٥}[آل عمران].
(١) الدليل إلى الخوف والخشية من الجليل: ٢٥ - ٤٧
(٢) الاعتبار وسلوة العارفين: ص (٤٨٨) برقم (٤٠٩).