دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

جنة عرضها السموات والأرض

صفحة 235 - الجزء 1

  من ماء النسرين على كثبان الكافور.

  ويؤتون بأكواب وأي أكواب، أكواب من فضة مرصعة بالدر والياقوت والمرجان، كوب فيه من الرحيق المختوم، ممزوج بماء السلسبيل العذب، وكوب يشرق نوره من ضياء جوهره، يبدو الشراب من ورائها لرقته وحمرته، لم يصغه أدمي فيقصر في تسوية صنعته، وتحسين صناعته، في كف خادم يحكي ضياء وجه الشمس في إشراقها، ولكن أين الشمس من حلاوة صورته، وحسن أصداغه وملاحة أحداقه.

  فيا عجباً لمن يؤمن بهذه الدار التي وصفناها، ويوقن أنه لا يموت أهلها، ولا تحل الفجائع فيها ثم ينزل بفنائها، ولا ينظر الأحداث بعين التغيير الى أهلها، كيف قد أُنس بدار قد أذن الله بخرابها، ويهنأ بعيش دونها، والله لو لم يكن فيها إلا سلامة الأبدان مع الأمن من الخوف والجوع والعطش، وسائر أصناف الحدثان، لكان جديراً بأَن يهجر الدنيا بسببها، وألا يؤثر عليها دار التصرم والتنغيص من ضروبها، فكيف وأهلها ملوك أمنون، وفي أنواع السرور ممتعون، لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون، في كل يوم بفناء العرش يحضرون، وإلى رحمة الله وثوابه ينظرون، وهم على الدوام بين أصناف هذه النعم يترددون، ومن زوال النعم أمنون، لا يمسهم فيها نصب، وما هم منها بمخرجين).

  ثم أورد #: (ينادي مناد ....) الحديث السابق، ثم قال #: (فهذا بيان وصفها قد أشرنا إليه على جهة الإجمال ...).

  ثم قال #: (فتأمل في عدد الجنان فهي كثيرة: جنة الفردوس، وجنة المأوى، وجنة عدن، وجنة الخلد، وجنة النعيم، وفي قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ٤٦}⁣[الرحمن]، جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما.

  ونحن الآن نشير الى تفاصيل نعيمها، ونشير الى أصناف عشرة:

  الصنف الأول: في صفة أبواب الجنة وهي كثيرة بحسب أصول الطاعات،