دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 251 - الجزء 1

  عابداً، لم أكن لآياتك معانداً، وإن لم أكن لحبك واجداً، لم أكن لغيرك ساجداً، وإن لم أكن إلى الخيرات مسارعاً، لم أكن لباب الخطيئات قارعاً، وإن لم أكن للحدود حافظاً، لم أكن بكلام السوء لافظاً، وإن لم أكن في الصلاة خاشعاً، لم أكن لأعدائك خاضعاً، وإن لم أكن في سبيلك مجاهداً، لم أكن لدليلك جاحداً.

  إلهي كيف يصافيك من لا يأتيك؟! وكيف يرجوك من لا يتقرب إليك؟! أنا المتخلف عن أقراني، أنا الضعيف في أركاني، أنا الفريد بحرقتي عن إخواني، أنا الذي لم أحقق إيماني، سيدي قد أتيتك بفاقتي، وجئت إليك لما عدمت طاقتي، أنت العالم بجُرمي، والمطلع على طلبي، المحصي لخطيئتي، الشاهد على طويتي، الناظر لي في خلوتي، كسدتْ بضاعتي، وخسرتْ تجارتي، ولم أتزود من حياتي، وقد أتيتك قرب وفاتي.

  إلهي إن لم تقبلني فأين المنجأ، وإن رددتني فأين الملجأ؟! من للعبد إلا مولاه؟! ذهبت أيامي، وبقيت آثامي، فلا تذل مقامي، ولا تحجب عني إمامي، يا من ابتدأني بتفضله، وأكرمني بتطوله.

  ما الحيلة أعضائي ذليلة، ما الحيلة أحزاني طويلة، ما الحيلة حسناتي قليلة، ما الحيلة وليس لي وسيلة.

  لا حيلة لي غير الرجوع، والتضرع والخضوع، والإقبال والإياب، وتعفير الوجه بالتراب، والتذلل عند الباب، وقراءة آيات الكتاب، والسجود لرب الأرباب، وترك الاشتغال، والإقبال على مقدِّر الأرزاق والآجال، وترك المعارضة، ورفض المناقضة، وحنين وحرقات، وأنين وزفرات، وسهر دائم، وليل قائم، ونهار صائم، وقلب هائم، ووعظ لائم، فدار بلا قرار، فراق كل محبوب، والبين عن كل منسوب.

  الحيلة ترك الاستراحة في طلب الراحة، ودوام النياحة مع القيام على السياحة، وترك الخطايا واستعداد المطايا.