الدرس الرابع إنه القرآن الكريم
الدرس الرابع إنه القرآن الكريم(١)
  الحمد لله رب العالمين، الذي جعل الهدى فيما نزل من كتابه مكملاً، ونزل برحمته للعباد منه بياناً كريماً مفصلاً، وجعله سبحانه وتعالى بالتحميد مفتتحاً، وبالاستعاذة مختّماً، وأوحاه على قسمين متشابهاً ومحكماً، وفصله سوراً، وسوّره آيات.
  فيه لمن استغنى به أغنى الغنى، وممن اجتنى ثمرات هداه أكرم مجتنى، نور أعين القلوب المبصرة، وحياة ألباب النفوس المطهرة، ألف فكر كل حكيم، وسكن نفس كل كريم، وقصص الأنباء الصادقة، ونبأ الأمثال المتحققة، وخير ما صُحب من الأصحاب. سر أسرار الحكمة، ومفتاح كل نجاة ورحمة، قول أرحم الراحمين، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين.
  فأي مُنزِّل سبحانه ونازل وتنزيل. لقد جل تنزيله، وطهر وتقدس عن قذف الشياطين وأكاذيبها، وافتراء مردة الآدميين وألاعيبها، فأُحكم عن خطل الوهن والتداحض، وأُكرم عن زلل الاختلاف والتناقض، فجُعل بآياته مترافداً، وبضياء بيناته متشاهدا، غير متكاذب الأخبار، ولا متضايق الأنوار، بل ضحيان النور(٢)، فيحان الأمور، سيحان الأنهار بالحياة المنجية، واسع الأعطان والأفنية، ساطع النور والبرهان، جامع الفضل والبيان، فأنواره بضيائه زاهرة، وأسراره لأوليائه ظاهرة.
  فسبحان من جاء به طولاً، وجعل سببه به موصولاً، لقد أحل سبحانه به المنة على العباد، فدلهم به على كل رشاد، أنشأه كتاباً ساطعاً تبيانه، قاطعاً برهانه، وحياً ناطقاً ببينات وحجج، قرآناً عربياً غير ذي عوج، مفتاحاً للمنافع الدينية
(١) (مديح القرآن الصغير) للإمام القاسم بن إبراهيم # بتصرف.
(٢) واضح النور لكل مبصر ذي عينين، أعطى فهماً ومنح توفيقاً وتسديداً.