دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الرابع إنه القرآن الكريم

صفحة 34 - الجزء 1

  بالبر والتقوى، وينهى عن المنكر والأسواء، لا يكذب أبداً حديثاً، ولا يخذل من أوليائه مستغيثاً، إن وعد وعداً أنجزه، أو تعزز به أحد أعزّه.

  فعلينا أيها المؤمنون أن نسلك سبيله ما بقينا، متمسكين به، حافظين له، ومحافظين عليه، فنتخذه هادياً ودليلاً وحبيباً، فإنه لا يحِب أبداً مبغضاً، ولا يُقْبِل على من كان عنه معرضاً، ومن تعامى عنه أعماه، ولا يُعطى هداه إلا أهله، فقد جعله الله يتلوّن بألوان، ويتفنن فيه على أفنان، فهو الهادي المضل، وهو المدبر المقبل، وهو الْمُسمع الْمُصم، وهو المهين المكرم، وهو المعطي المانع، وهو القريب الشاسع، وهو السر المكتوم، وهو العلانية المعلوم.

  أرشد زاجرٍ وآمر، وأعدل مقسط معذر، يوقظ بزجره النُّومَى، ويعظ بأمره الحكماء، ويحيى بروحِه الموتى، فهو معجزة الحبيب ذي اللواء المرفوع في بني لؤي، وذي الفرع المنيف في عبد مناف، المثبت بالعصمة، والمؤيد بالحكمة، النبي الأمي المكتوب في التوارة والإنجيل، ~ وعلى آله الأطهار، خزان علمه، وتراجمة وحيه، والعالِمين سوره وآياته.

  أيها المؤمنون ... قد بلينا قديماً وحديثاً في القرآن الكريم من تلبيس ملوك الجبابرة، وأتباعها من علماء العوام المتحيّرة، في توجيه الكتاب الكريم على أهوائها، وتأويلها له بخطئها، حتى عُطِّل منهم قضاؤه، وبُدّلت لديهم أسماؤه، فسميت الإساءة فيه إحساناً، والكفر بالله إيماناً، والهدى فيه عندهم ضلالاً، وعلماء أهله من أهل الحق به جهالاً، ونور حكمه ظُلَمَاً، وبصر ضيائه عمى، بل حتى كادت أن تجعل فاؤه ألفاً، وألفه للجهل بالله فاءاً، تلبساً على الطالب المرتاد، وضلالة من العامة عن الرشاد، فنعوذ بالله من عماية العمين.

  ولكن الله سبحانه أبى له أن يطفأ نوره، ولذلك يقول سبحانه: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٣٢}⁣[التوبة]، فمن اعتصم بنور كتاب الله وبرهانه، واتبع ما فيه من أموره وتبيانه أدخله الله،