دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الثامن أعربوا الكلام كي تعربوا القرآن

صفحة 61 - الجزء 1

  وتهذيبها إلى يومنا هذا، فلو لم يكن إعراب القرآن واجباً لم يكن لذلك فائدة، وقد نبه الشارع على أن علة وجوب تعلم الإعراب هي إعراب القرآن، ولذا قيل: إن القراءة مع فقد الإعراب ليست قراءة ولا ثواب فيها، وقد وصف الله القرآن بأنه: عربي غير ذي عوج، وقراءة اللاحن ليست عربية ولا خالية عن العوج قطعاً.

  ومن كلام السلف: ما روي عن أبي بكر أنه قال: لأن أقرأ وأسقط أحب إلي من أن أقرأ وألحن، أخرجه أبو طاهر عن الشعبي، وأخرج البيهقي: أن ابن عباس وابن عمر كانا يضربان أولادهما على اللحن، وأخرج عن عمر أنه قال: (تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تعلمون القرآن).

  وأخرج (المرهبي): عن جابر قال: مر عمر بقوم قد رموا رشقاً فأخطأوا، فقال: ما أسوأ رميكم، فقالوا: نحن متعلمين، فقال: لحنكم أشد علي من رميكم، سمعت رسول الله ÷ يقول: «رحم الله امرأً أصلح من لسانه».

  وأخرج ابن الأنباري: عن عباد المهلبي قال: سمع أبو الأسود الدؤلي رجلاً يقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}⁣[التوبة: ٣] بالجر، فقال: لا أظنني يسعني إلا أن أضع شيئاً يصلح به لحن هذا الكلام أو كلاماً هذا معناه، والآثار في ذلك كثيرة وكلها تدل على قبح اللحن مطلقاً، فكيف باللحن في قراءة الصلاة التي هي أم العبادات، والمراد باللحن المفسد هو اللحن في إعراب الكلمة، وتغيير بنيتها لا ترك التجويد الذي لا يعرفه إلا علماء القراءة، وإن كانوا قد عدوه لحناً لأنهم قسموا اللحن إلى جلي وخفي.

  قال في (الإتقان): فاللحن خلل يطرأ على الألفاظ فيخل، إلا أن الجلي يخل إخلالاً ظاهراً يشترك في معرفته علماء القراءة وغيرهم، وهو الخطأ في الإعراب، والخفي يخل إخلالاً يختص بمعرفته علماء القراءة وأئمة الأداء الذين تلقوه من أفواه العلماء، وضبطوه من ألفاظ أهل الأداء.