دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

أنواع الذكر

صفحة 94 - الجزء 1

  دعوة للذين يمرون على آيات الله وهم عنها معرضون، إلى من هاجموا التوحيد ولم يفهموه، ونقدوا القرآن ولم يقرؤوه ولم يعرفوه؛ علّهم يستيقظون ويعقلون ويتنبهون!

  إنه باختصار ... نداء إلى العلم بالله علماً يقيناً، يقود إلى الخشية والتعبد والخضوع والتذلل لمالك الكون سبحانه وتعالى، فمن كان به أعلم كان له أخشى، وصدق الله العظيم إذ يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨].

  يدين له النجم في أفقه ... يدين له الفلك الدائرُ

  يدين له الفرخ في عشه ... ونسرُ السماء الجارح الكاسرُ

  تدين البحار وحيتانها ... وماء سحاباتها القاطر

  تدين له الأسد في غابها ... وظبي الفلا الشارد النافر

  يدين له الذّر في سعيه ... يدين له الزاحف والناشر

  تدين الحياة يدين الوجود ... يدين المقدر والحاضر

  سبحان الله ... سبحان الله ... سبحان الله ..

  كلٌ كَنَى عن شوقه بلغاته ... ولَرُبَّما أبكى الفصيحَ الأعجمُ

  نعم أيها المؤمنون، الكون بأجمعه كتاب مفتوح يقرأ بكل لغة، ويدرك بكل وسيلة، يطالعه الجميع، ساكن الخيمة، وساكن العمارة، يطالعه ساكن الكوخ وساكن القصر ... فيه الزاد لكل عبد منيب، تبصرةً وذكرى، هذا الكتاب يأخذنا في جولات وجولات، نرتاد آفاق السماء، ونجول في جنبات الأرض والأحياء، يقف بنا عند زهرات الحقول بين المزروعات، ويصعد بنا إلى مدارت النجوم والأفلاك، يرينا عظمة الخالق سبحانه وحكمته، ثم يكشف لنا الأسرار والتكوين، ثم يقرع الفؤاد بقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٠ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ