[ومن أدلتهم على وجوب العصمة]
  معصوماً مثله.
  قلنا: غير مسلم ذلك من كل وجه لأن النبي ÷ تعبد بنسخ شرائع قد ورد العلم بوجوب العمل بها، فلا بد من معجز وعصمة، بخلاف الإمام قائماً(١) ينفذ أحكام شريعةٍ معلومة ومستقرة، فلو أراد زيادة شيء أو نقصانه سقط وجوب اتباعه، ولزم الأمة إنكاره، والنبي ÷ متى أمرهم بترك المفروض صار محظوراً، فلو وجب عصمته لإنفاذ الأحكام المستقرة لوجب اعتبار عصمة الأمراء والقضاة، ومعلوم خلافه.
  ومما احتجوا به قالوا: إن الله تعالى يختاره بأن ينص على عينه كما قلنا، أو على صفته كما قلتم، ولا يجوز أن يختار فاسقاً ولا منافقاً.
  قلنا لهم: وذلك قولنا، ويكفي أن يكون مؤمناً في ظاهر الحال، لأنا لم نتعبد في أمره إلاَّ بالظاهر، كما فعل الإمام في اختيار الوالي والقاضي لأن الله تعالى تعبده بأن لا يولي القضا الفاسقين، فمتى سلم له ظاهره كان قد أدَّى ما يجب عليه، وقد أمرنا [الله](٢) تعالى بالصلاة إلى الكعبة، فإن تحرينا وأخطأنا فقد أدَّينا ما يجب علينا، كذلك في الإمام تعبدنا أن نجيب من أهل بيت النبوة من اتصف بصفات قد ذكرناها، وهي معلومة أعني خصال الإمامة، فإن اجتهدنا في ذلك وأخطأنا في مثل ما يجوز فيه اللبس، عذرنا ممَّا تغيَّب عنَّا في أمره، وفي مقدور الباري [سبحانه](٣) تعالى أن ينصب عمود نور على الكعبة حرسها الله من السماء إلى الأرض ويرفع
(١) في (ب): فإنما.
(٢) زيادة في (ب).
(٣) زيادة في (ب).