العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على استدلال الإمامية على وجوب الإمامة عقلا]

صفحة 284 - الجزء 1

  اختلفوا في مدلوله لإهمالهم النظر على الوجه الصحيح فكان يجب أن تكون النصوص معلومة، وإن جاز أن يختلف المكلفون في وجه دلالتها كما قلنا في النص على أمير المؤمنين # لم يختلفوا في وقوعه، وإن اختلفوا في معنى الاستدلال به، فلما لم يوجد ماذهبوا إليه على الوجه الذي ذكرناه علمنا بطلانه كما لانصدق من ادعى وجوب صلاةٍ سادسة، وحج بيتٍ آخر غير بيت مكة حَرَسها اللَّه، وقد قدمنا الكلام في بطلان ما ذهبوا إليه من دعوى ظهور المعجز على الأئمة $ لأن شرائط المعجز أن يكون خارقاً للعادة من فعل اللَّه تعالى، أو جارياً مجرى فعله مطابقاً للدعوى، حاصلاً عقيبها لأن يكون⁣(⁣١) لها تعلق بالدعوى، وقد عارضونا بما نجوزه من الكرامات، وليس الكرامة من المعجز في شيء، لأن الكرامة تظهر لأولياء اللَّه تعالى من غير دعوى، ولو ادعاها مدع قبل حصولها لاستحق اللعنة، ولم يستحق الكرامة، ومن ذكر شيئاً من المستقبل، وحصوله من ذرية رسول اللَّه ÷ فإنما أسنده إلى علي #، وأخذه علي من رسول اللَّه ÷، وهو شائع في أفاضل ولد الحسن، وولد الحسين $ [فما]⁣(⁣٢) ادُّعي لأحد الفريقين أمكن ادعا مثله للآخر، ولو رمنا ذلك لطال الشرح، ولكنا نذكر منه ما يدل على غيره.

  من ذلك ما انتهت به روايتنا إلى محمد بن عبدالله # أنه وقف على مقتلهِ في المدينة، وأتى رجل فقال: ما أوقفك ههنا؟ فقال: ههنا تقتل النفس الزكية، والله لوددت أنها قد قتلت، ولو كنت أنا هُوَ، قال: فوقفت، فإذا جعفر بن محمد # فقال: ما أوقفك ها هنا؟ فقلت: قال ابن عمك محمد بن عبد اللَّه


(١) في (ج): لايكون.

(٢) في (ب، وج): فمن.