[كلام في الخبر المتواتر]
  الهدى جاهروا أعداء اللَّه تعالى، وباينوهم في مقامات كثيره، ولأن اللَّه تعالى مدح من لايخاف فيه لومة لائم، وهذا خلاف حكم التقية، وقد بيَّنا أن التقية لاتجوز في تبديل الأحكام، ولا الفتوى بما لايجوز في الدين، ولا بما يتعلق به الإضلال كما قدمنا ذكره، لأن ذلك من الفساد العظيم في الدين، وقد توعد اللَّه تعالى عن الفساد في الأرض بالقتل، فكيف يدفع القتل بما يستحق عليه القتل؟ وعلى مقتضى مذهبهم لايمكنهم معرفة الشرائع جملة، وإن سلمنا لهم ما قد بيَّنا أنه لايصح فتسليمنا على وجه الإستظهار فنقول: هب أنا نسلم لكم أن رواياتكم كلها متواترة، ألستم تجوِّزون أن المخبرين يغضون(١) في شروط التواتر، وينقل بعضهم بعض ما سمعوه ويتركون بعض شروط عبارة التواتر، فلا يثق من بعدت داره عن دار الإمام أو غاب عنه ينقل جميع العبارات إليه؟
  فإن قال: لايجوز أن يتركوا فإن الإمام من ورائهم بأحدهم ينقل كل ما سمعوا، ولو أخلوا ببعضه لحثهم على نقله.
[كلام في الخبر المتواتر]
  قلنا: وما المؤمن أن يعصوا ويخالفوا الإمام، فالعصمة فيهم على مذهب الكل غير معتبرة، فلا يصح التواتر ولا النقل [إلا](٢) على هذا الوجه، ولأنا نقول لهم: إن كان لايعلم صحة النقل إلا من علم أن الإمام يحضهم على النقل ليحصل التواتر فيقع العلم، والأكثر لايعلم الإمام ولا يدين به فعلى هذا لايحصل العلم بشيء من
(١) في (ج): يعصوا، والصواب: يعصون.
(٢) زيادة في (ب، وج).