العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[أغرب التعللات بالتقية]

صفحة 344 - الجزء 1

  وروى عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن شعيب، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله # عن مسح الرأس؟ فقلت: أتمسح بما في يدي من النَّدا رأسي؟ قال: لا، بل تضع يدك في الماء ثم تمسح⁣(⁣١).

  وروى عن ابن عقدة⁣(⁣٢)، عن فضل بن يوسف، عن محمد بن عكاشة، عن جعفر بن عمارة، إلى عمارة الجارفي⁣(⁣٣) قال: سألت أبا جعفر محمد أمسح رأسي ببلل يدي؟ قال: خُذ لرأسك ماءً جديداً⁣(⁣٤).

[أغرب التعللات بالتقية]

  فهذا كما ترى متنافي ظاهر التناقض، ولا يجدون وجهاً يعتلون به إلا قولهم يُحمل على أن يده قد كانت جفت وأعضاؤه، وهذا خلاف ظاهر السؤال لأنه قال: بالبلل الباقي في يدي، أو قولهم: إنما قال ذلك على التقية، فهذا خلاف المعلوم في ظاهر الإسلام ضرورة، إن فقهاء الإسلام اختلفوا ولم يتقِ أحد أحداً، وكذلك فتاوي أهل البيت $ ظاهرة مخالفة لفتاوي العامة فلم يقع ذلك موقع التقية، ولأن لقائل أن يقول: ما أنكرت أن قول أهل البيت الذي وافقوا به العامة خرج مخرج التقية، وهذا أقرب إلى التقية، وما في أخذ ماء جديد، والمسح بالبلل الباقي في اليد من تقية؟ وما في مقابلة ذكره على أحد الوجهين من مخافة؟ وهذا سائل سأل، وإنما يتقى السلطان، أو من يكون من قِبَلِه فيما ينافي عرضه، فأما في


(١) المصدر السابق ج ١ ص ٥٩ رقم ١٦٤.

(٢) في (ج): عن ابن عقبة، وهو خطأ.

(٣) في تهذيب الأحكام: عن جعفر بن عمارة الحارثي، وفي نسخة أخرى: الخارقي.

(٤) المصدر السابق ج ١ ص ٥٩ - ٦٠، رقم ١٦٦.