العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تكليف المكلفين إصابة الحق وحاجتهم من يكمل نقصهم]

صفحة 379 - الجزء 1

  والله تعالى لايفعل القبيح لعلمه بقبحه، وغناه عن فعله، وعلمه بغناه عنه، وكل من كان بهذه الأوصاف فإنه لايفعل القبيح، وموضع تفصيل هذه الجملة أصول الدين.

  وقد أودعنا من ذلك كتبنا في الأصول بما فيه كفاية⁣(⁣١) بحمد اللَّه تعالى كالشافي، وغيره، وكتب العلماء من آبائنا $، وأتباعهم من علماء الإسلام مشحونة بذلك، والمحصِّلون من الإمامية لاينازعوننا في ذلك كالشريف المرتضى، وغيره فإذا كان ذلك كذلك، وعلمنا استمرار التكليف علينا في جميع الأوقات علمنا أنه لولا إزاحة العلة لما حسن التكليف، فلو كان الإمام شرطاً لاستحال التعبد بالمشروط مع فقد الشرط، ولو كان الإمام بياناً لتوقف الفعل على حصوله، أو تمكيناً فكذلك، أو لطفاً⁣(⁣٢) لوجب وصوله إلينا، وارتفاع التكليف لأجل عدمه، وكل ذلك باطل، ولأن الناس كلفوا إصابة الحق فكفاهم في ذلك إكمال العقول، وحصول الأدلة الشرعية المعلومة التي ترد إليها الفروع.

  وإن جعلوه متمماً للنقص فما به مخلوق إلا وهو ناقص، كما قال النبي ÷: «كل بني آدم طف الصاع»⁣(⁣٣) وكل من ألفاظ العموم، يعرف ذلك أهل اللسان، وتمام النقص لايخلو إما أن يكون التكليف لايصح إلا به فهذا مما يجب على الباري لحكمته⁣(⁣٤)، وعدله فعله وتحصيله، وإيصاله إلى المكلفين، وإن كان


(١) في (ج): ما فيه كفاية.

(٢) في (ج): لفظاً.

(٣) لحديث في مستدرك الوسائل بلفظ الحاكم: بنو آدم طف الصاع، إلا من أكرمه الله بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ج ١١ ص ٢٦٧ رقم ١٢٩٦٣ بتحقيق النوري، وبلفظ آخر في مسند أحمد ج ٤ ص ١٤٥، وفي كنز العمال ج ١ ص ٢٦٠ برقم ١٣٠٠، وفي الدر المنثور للسيوطي ج ٦ ص ٩٨، وفي صحاح الجوهري ج ٤ ص ١٣٩٥.

(٤) في (ب، وج): بحكمته.