[الرد على هذه الشبهة]
  مما يصحُّ التكليف من دونه فلا حاجة إلى حصوله، ولأن المتمم للنقص لو قدر حصوله فهل يتمم(١) وهو حاضر أو غائب، باطل أن يكون غائباً لأنه لو تمم مع غيبته لكان هو والملك في منزلة واحدة، فكان يقال: إن المتمم لنقص المكلفين جبريل، أو ميكائيل لأن أكثر مافي هذا أنه محق معصوم غائب عنَّا.
  فإن تمم مع الغيبة فما الفرق بين غائب، وغائب، وهذا يعلم(٢) استحالته، ولكن احتملته القسمة، وإن تمم النقص بحضوره فالمعلوم خلافه؛ لأنَّا نقول لهم: هل التكليف مستمر عليه(٣) مع هذا النقص، أو غير مستمر؟
  فإن كان مستمراً فالنقص لاتأثير له، وإن كان غير مستمر فالمعلوم من دين الإسلام خلافه، وأن التكليف واجب على المتعبدين بكماله، والإمامية لاتنازع في ذلك.
  فإن قال: إنما أتينا في بقاء النقص من قبل أنفسنا لإخافتنا الإمام.
  قلنا لهم: أفبقي التكليف أم ارتفع؟
  فإن قالوا: بارتفاعه فهذا خلاف دين الإسلام، وإن قالوا: ببقائه فالإلزام بحاله.
  وإن قالوا بعصمته(٤)، فقد كفتنا عصمة النبي ÷ لأنه الذي شرع الشرع، وأخبرنا بوجوب الواجب فيه، وندب المندوب، والإستنان بالمسنون، وما مات رسول اللَّه ÷ حتى كمل الدين، بدليل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
(١) في (ج): فهل يتم.
(٢) في (ج): وهذا نعلم استحالته.
(٣) في (ب، وج): علينا.
(٤) في (ب، وج): وأما قولهم بعصمته.