العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شبهة: الإحتياج إليه لنقل الشريعة والرد عليها]

صفحة 398 - الجزء 1

  فإن قالوا: معصوم⁣(⁣١) أحالوا وهم لايقولون ذلك، وإن قالوا: غير معصوم فليكتفوا بعصمة علي # وبالنقل عنه، ويستغنوا بذلك عن سائر الأئمة $، فيكون استدلالهم هذا دليلاً على الغنية⁣(⁣٢) عن الإمام كما ترى لأن الأعصار انقضت، والدهور مضت، والإمام غير ناقل للشريعة إلينا على الوجه الذي ذكروا، لأنَّا قدَّمنا بيان اختلاف الإمامية في الفروع مما في بعضه كفاية لمن تأمل ذلك بعين البصيرة، وانقاد لحكم الضرورة.

  فهل المكلفون من سنة ستين ومائتين إلى يوم تصنيفنا هذا الكتاب سنة عشر وستمائة على شريعة أم على غير شريعة؟

  فإن قالوا: على شريعة، وهو الذي ينبغي أن يقال فقد كفاهم ماهم عليه، وهو الذي يعتدون⁣(⁣٣) به، وإن كانوا على غير شريعة فهذا خلاف المعلوم من دين المسلمين عموماً، ولهذا يصلّون على جنائز الموتى، ويترحمون عليهم، ويفزعون إلى القضاة والمفتين فزع من يتطلب الخروج عن عهدة مالزمه، ويستوي في ذلك الإمامي، والزيدي، وسائر فرق الإسلام لايختلفون في ذلك فلو كان فزعهم إلى غير دين، ولا شرع صحيح كان ضلالة يجب الرجوع عنها لا الفزع إليها.

  وأما قولهم: إن الشريعة الشريفة شريعة خاتم النبيين ÷(⁣٤) فكذلك هي زادها اللَّه شرفاً، وجلالة، ولذلك قلنا: إنها محروسة عن الزيغ والتحريف إلى انقضاء التكليف، فلا تحتاج إلى ناقل ينقلها لأن أكثر من واحد ينقلها بل الأمة قاطبة ينقلونها نقلاً واحداً متواتراً لاتحريف فيه، ولا تبديل على


(١) في (ج): معصوماً.

(٢) في (ج): الغيبة.

(٣) في (ج): تعبدوا.

(٤) في (ج): صلى الله عليه وعلى آله الطيبين.