[شبهة ثالثة في العصمة والرد عليها]
  لأنَّا نعلم [أن](١) عندنا وعندهم أن الأمراء، والقضاة لاتقطع على مغيبهم، ولا خلاف في وجوب الإنقياد لهم، بدليل أن من عصى أمر الإمام أعتقد العقلاء القائلون بإمامته أن العاصي قد أتى القبيح(٢)، واستحق العقوبة، ولايأتي بالقبيح في هذه الحال إلا وقد ترك الواجب، فإن(٣) واقع المعاصي سراً سقط فرض ذلك عنا، وكانت معصيته تخصُّه دوننا لأن اللَّه تعالى لايتعبدنا بما لانعلم.
  [وإن](٤) جاهر بالمعاصي سقطت عن الأمة فريضة طاعته، وأن يقع(٥) الإشكال في أمره، وقد قال [النبي](٦) ÷ منبهاً في أمور المتولين لأمور الأمة خاصة (لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق)(٧).
  فإن أمرنا بطاعة اللَّه فطاعات اللَّه تعالى لعلو الإسلام واستظهاره معلومة أطعناه، وإن أمرنا بالمعصية المعلومة لم يجب علينا طاعته، وإن أمرنا بأمر ظاهره طاعة، وباطنه معصية، ولا علم لنا بذلك كنَّا مطيعين لله تعالى بذلك الفعل، وكان عاصياً في الأمر لنا بذلك كما يجوز في الأمير والقاضي، ويجب علينا الإنقياد لهما، وكما يجب(٨) علينا الصلاة يوم الجمعة خلف الخطيب، وإن جوزنا أن يكون على غير طهارة أو لاينوي الصلاة، أو ينوي غير اللَّه تعالى بالعبادة فيكون كفراً، ومع ذلك يجب علينا الإقتداء به، ولأنه لايلزم أن ينكر من المعاصي إلا ماظهر، فأما مابطن
(١) سقط من (ب، وج).
(٢) في (ج): بالقبيح.
(٣) في (ج): وإن.
(٤) في (ب، وج): فإن.
(٥) في (ج): وارتفع الإشكال في أمره.
(٦) زيادة في (ج).
(٧) سبق تخريج الحديث.
(٨) في (ج): تجب.