[قول: المعصوم يؤدي إلى العلم والرد عليها]
  ÷، فإن الواجب علينا في ذلك أن يحمل(١) كل ماورد منه على محكم القرآن الذي لايحتمل التأويل، وعلى أدلة العقول المقررة، وعلى براهين الشرع المعلومة، وأصوله الظاهرة التي لانزاع فيها.
  وقد تقرر عند العلماء، وبدلالة العقل والسمع، أما دلالة العقل فإن التكليف دفع الضرر عن النفس، ودفع الضرر عن النفس واجب، وقد تعبد الإمام بالدعاء إلى اللَّه تعالى، والجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف، [والنهي](٢) عن المنكر حتى يأتيه اليقين، والغيبة تنافي ذلك كله فلو تركه لأخل بالواجب فأدَّى ذلك إلى الضرر العظيم الذي دفعه عن النفس واجب.
  وأما دلالة السمع فقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: ١١١]، والإمام رأس المجاهدين، وأساسهم، والنفوس ثمن الجنة، فكيف يستحق المبيع من لايسلم الثمن!؟ والثمن هو النفوس، فمتى هربنا بها مخافة القتل الذي وعظنا اللَّه في أمره بقوله: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}[الأحزاب: ١٦]، فنفى على من فرَّ فراره، وبيَّن له عواره، فلو فعلنا ذلك كنا بمنزلة من مطل الغريم وهو واجد، وقد قال النبي ÷: «مطل الغنى ظلم»(٣) وليس على الإمام والمأموم إلا
(١) في (ج): أن نحمل.
(٢) في (ب): والأمر، وهو خطأ.
(٣) مطل الغني ظلم: أخرجه البخاري ٢/ ١٢٣، ١٥٥، ومسلم في المساقاة ٣٣، وأبو داود في البيوع باب ١٠، والترمذي برقم ١٣٠٨، ١٣٠٩، والنسائي ٧/ ٣١٧، وابن ماجه ٢٤٠٤، وهو في عشرات المصادر، انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ٩/ ٤١٤.