[حكم المخالفين لأمير المؤمنين]
  أمَّا الزبير: فإنه لما ذَكَرَهُ علي # قول النبي ÷: «لتقاتلنَّ علياً وأنت له ظالم»(١) ترك القتال، وقال:
  نادى عليُّ بأمرٍ لست أنكره ... قد كان عَمْرُ أبيك الخير مذ حين
  فقلت حسبك - من قول - أباحسنٍ ... بعضُ الذي قلته في اليوم يكفيني
  أخترتُ عاراً على نارٍ مؤججةٍ ... أنَّى يقومُ لها خلقٌ من الطين
  ترك الأمور التي تخشى عواقبها ... لله أجدرُ في الدنيا وفي الدين
  ولما استأذن ابن جرموز قاتل الزبير على علي # وألقى السيف بين يديه، اغرورقت عينا علي # بالدموع وقال: قال رسول الله ÷: «بشروا قاتل ابن صفية بالنار»(٢)، أما إنك قتلته تائباً مؤمناً طال والله ما كشف به الكرب عن وجه رسول الله ÷ يعني السيف، وهذا تصريح بتوبته.
  وكذلك الحديث في طلحة: إنه لما صُرِعَ مرَّ به رجل من أصحاب علي # فقال [طلحة](٣): أَمِنْ أصحابنا؟ أم من أصحاب أمير المؤمنين؟ فقال: بل من أصحاب أمير المؤمنين، فقال: ابسط يدك لأبايعك لأمير المؤمنين فألقى الله على بيعته، أما والله ما كفتنا آية من كتاب الله وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: ٢٥] فوالله لقد أصابت الذين ظلموا منَّا خاصة، وهذه توبة ظاهرة.
(١) المستدرك (٣/ ٤١٣)، الإستيعاب لابن عبد البر (٨/ ٥١٥)، تاريخ الطبري (٣/ ٣٧).
(٢) تفسير القرطبي (١٦/ ٣٢١)، السنة للخلال (٢/ ٤٢٦)، التمهيد القسم الأول (١٨/ ٣١)، سير أعلام النبلاء (١/ ٤٩)، الإستيعاب لابن عبد البر (٨/ ٥١٥) الفصل للوصل المدرج للخطيب (١/ ١٤٦)، انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي.
(٣) زيادة من عندنا.