الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم،

العصام الأسفراييني (المتوفى: 945 هـ)

أحوال المسند إليه

صفحة 346 - الجزء 1

  التجوز في إسناد الخبر إلى المبتدأ بل هو الظاهر، وبيان المصنف لا يشمله.

  (أو) دفع توهم (السهو) ترك النسيان مع أنه مذكور في المفتاح لعدم الفرق بين السهو والنسيان في اللغة في القاموس: سها عنه نسيه وغفل عنه، والمفتاح جرى على اصطلاح الحكمة من جعل السهو لزوال الصورة عن المدركة دون الحافظة حتى لا يحتاج في حصولها إلى تحصيل ابتداء بل يكفى الاستحضار والنسيان لزوال الصورة عن الحافظة حتى يحتاج في حصولها إلى تحصيلها ابتداء، والظاهر أن التأكيد ليس لدفع توهم السهو بل لدفع توهم وضع صورة مكان صورة وإلا فزوال الصورة عن المدركة لا يوجب الإتيان بالخطأ، نعم منشأ الوضع زوال الصورة عن الحافظة فالأولى لدفع توهم الخطأ فإن قلت: إيراد التأكيد لدفع توهم ما سبق اللسان مما فاتهم لأنه ليس للسهو بل يكون مع حصول الصورة في المدركة، قلت: سبق اللسان لزوال الصورة اللفظ الذي يراد ذكره عن المدركة، وإنما الصورة الحاصلة معه صورة المفهوم نحو: جاءني زيد زيد لئلا يتوهم أن الجائى عمرو وإنما ذكر «زيد» على سبيل السهو، فإن قلت: التكرار لا يدفع توهم السهو لأنه ربما يتوهم في: جاءني زيد زيد أن زيد الأول وقع موقع أخوك، وزيد الثاني بدل أو عطف بيان، وفي زيد قائم قائم يتوهم أن الأول قائم مقام قاعد سهوا والثاني خبر ثان قلت: اندفع به توهم السهو في الإخبار عن مجئ زيد وعن قيامه، قال الشارح المحقق: وهذا التوهم لا يندفع بالتأكيد المعنوي، وهو ظاهر ووجهه السيد السند بأنه إذا قيل: جاءني زيد نفسه احتمل أنه أراد أن يقول:

  جاءني عمرو نفسه فيها وتلفظ بزيد مكان عمرو وفيه بحث لأن حفظ الكلام عن توهم التجوز ينبئ عن مزيد احتياط ويبعد المتكلم عن مظنة السهوية وسنزيد لك غير بعيد، ولأنه ينافي ما حقق بعيد هذا الكلام أن الأولى إن جاءني الرجلان كلاهما ليس لدفع توهم عدم الشمول؛ لأن المثنى نص فيه بل لدفع توهم أن الجائى واحد منهما والإسناد إليهما وقع سهوا ولأنه ينافي ما ذكره السكاكى في بحث الفصل والوصل أن اتباع {لا رَيْبَ فِيهِ} لذلك الكتاب كإتباع نفسه للخليفة في قولك:

  جاءني الخليفة نفسه إزالة لما عسى أن يتوهم السامع أنك في قولك: جاءني الخليفة، متجوز وساه؛ ولم يخالفه الشارح المحقق والسيد السند في شرحيهما في