الفصل الرابع الشاهد والواقع الحضاري
  ح - الشواهد التي عرضها العباسي عكست المفهوم الثقافي الذي يتمتع به العباسي خاصة والذوق الثقافي للمجتمع عامة، فهذه الشواهد كما سبق الحديث ذات مادة ثقافية غزيرة متنوعة، فالدواوين الشعرية وكتب التراجم والحديث والتفسير والأدب والنقد والنحو ساهمت بشكل كبير في تفسير دقيق وواضح لمؤلّف بلاغي قديم أراد العباسي تقديمه بثوب خاص ينسجه حسب مفهومه وذوقه الخاص، كما أنها عكست الذوق العام للمجتمع حيث اتصف هذا القرن - العاشر الهجري - بصفة المؤلفات الموسوعية التي لا تقتصر على تعداد فن واحد بل دمج مجموعة من الفنون في إطار تأليفي واحد هذا الذوق العام دفع العباسي إلى بلورة الحصيلة الثقافية التي أثرى موسوعته بها لتخرج مؤلفا يتناسب والذوق العام فقرّب البلاغة إلى أبناء عصره بوسائل تتناسب وتفكيرهم ملتقية مع مستوياتهم الثقافية، فكان الشاهد البلاغي صالحا لأن يكون مؤلفا لوجده شاملا المجال اللغوي عارضا لقضايا بلاغية ونقدية شارحا لسيرة ذاتية معززا رأيا نحويا مفسرا بوقائع تاريخية أدبية. كل هذه الحلقات تجتمع لتعرض فن بلاغي اكتفى كاتب قديم كالقزويني بعرضه وأسلوب يتناسب وذوق القرن الثامن الهجري.
  ط - نرى الاحتراز في تطبيق سمة القرن العاشر التأليفية عند العباسي فالموسوعات تتميز بالطول ولكن ما ثمرة هذا الطول إذا ما التزم صفة واحدة؟ لا أحد ينكر الملل الذي يلحق بالدارس إذا اتسم المؤلف الطويل بصفة السير في نسق واحد، فالعباسي هنا في