دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

علاج هذا المرض

صفحة 124 - الجزء 1

  أن يُعظَّم ويُبجّل، ويتدرج الشيطان في خداعه حتى يوقعه في شراكه، ولهذا يسقط إلى الحضيض، ويتربّى في أعماقه الغرور والعجب بنفسه، ويصرعه ذلك الداء العضال.

  وقد يعمد الشيطان - أعاذنا الله تعالى منه وإياكم - إلى اتخاذ أسلوب أدق وأخطر، ليوقع الإنسان في حبائله ومصائده التي ينصبها لعباد الله، وخاصة المسلم الرسالي، الذي يحمل فكراً ومسؤولية، حيث يخيل له أنه لا بأس بهذا النوع من الرفعة والتقديس الذي يناله من الناس، ما دام أنه يصبُّ في مجال الحركة ونشر الوعي، باعتبار أن الداعية إلى الله لا بد أن يتميز بشخصية بارزة في المجتمع، لكي تقبل منه المواعظ والمحاضرات والدروس، ويؤثر كلامه في الناس، ولكن ليعلم أَنّ في ذلك مفسدة عظيمة لعمله، ومهلكة لإيمانه، ومقتلاً لشخصيته.

  ومن هنا ندرك معنى الدعاء، الذي علمنا الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين # في (مكارم الأخلاق) قال #: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ تَرْفَعْنِي فِيْ النَّاسِ دَرَجَةً إلاَّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا، وَلاَ تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظَاهِرَاً إلاَّ أَحْدَثْتَ لِي ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي بِقَدَرِهَا).

  الحديث عن التواضع يستدعي بحثاً طويلاً نكتفي بهذا.

  وأما الأمور التي يجب التركيز عليها، والسلوكيات التي يجب أن نتحلى بها حتى نكون متواضعين، فالمقام لا يتسع لذكرها كاملة، ولكنا نذكر بعضها على حسب الأولوية، فقد جاء عن النبي ÷: «رأس التواضع ثلاثة: الابتداء بالتسليم على كل أحد، والرضا بالمجلس عن شرف المجلس، وحب العبد المساجد، وترك الرياء والسمعة في شيء من دينه».

  ولنعلم - أيضاً - أن الهلاك كل الهلاك في التالي: اتباع الهوى، والبخل المطاع، والعجب، يقول الرسول الأكرم ÷: «ثلاث مهلكات: هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه».

  وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ..