دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الثامن والعشرون الإمام علي # وليلة القدر

صفحة 204 - الجزء 1

  ولقي منها بَرْحاً بَارِحاً، وجهداً جهيداً، وعلا عليه من هو دونه، وحكم فيه وفي بنيه وأهله ورهطه من لم يكن ما ناله من الإمرة والسلطان في حسابه، ولا دائراً في خلده، ولا خاطراً على باله، ولا كان أحدٌ من الناس يرتقب ذلك له ولا يراه له.

  ثم كان في آخر الأمر أن قُتِل هذا الرجل الجليل في محرابه، وقُتل بنوه بعده، وسُبي حريمه ونساؤه، وَتُتُبِّعَ أهلُهُ وبنو عمه بالقتل والطرد والتشريد والسجون مع فضلهم وزهدهم وعبادتهم وسخائهم، وانتفاع الخلق بهم ... فهل يمكن ألا يتعصب البشرُ كلهم مع هذا الشخص؟!

  وهل تستطيع القلوب ألاَّ تُحبُّه وتهواه، وتذوب فيه، وتفنى في عشقه؛ انتصاراً له، وحمية من أجله، وأنفة مما ناله، وامتعاضاً مما جرى عليه، وهذا أمر مركوز في الطبائع، ومخلوق في الغرائز».

  أخي القارئ ليلة القدر وقت فاضل مبارك، خصَّ اللهُ بها هذه الأمة لتربح الربح الكثير في سوق عظيم من أسواق الآخرة، فلقد توّج الله هذه الليلة المباركة بسورة كاملة من الذكر الحكيم قال تعالى:

  

  {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ٢ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ٣ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ٤ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥}.

  ولهذه الليلة المباركة في السنة النبوية الشريفة مكانة عظيمة ومرموقة، قال الإمام القاسم بن إبراهيم #: ذكر عن النبي ÷ أنه قال: «اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر» يعني من رمضان.

  وروي عن النبي ÷، أنه قال: «إذا كان ليلة القدر أمر الله ø جبريل # يهبط في كوكبة من الملائكة $ إلى الأرض، ومعه لواء أخضر، فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في