دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الثامن والعشرون الإمام علي # وليلة القدر

صفحة 205 - الجزء 1

  ليلة القدر، فينشرهما في تلك الليلة، فيجاوزان المشرق والمغرب، ويبثُّ جبريل # الملائكة $ في هذه الأمة، فيسلّمون على كل قائم وقاعد، ومصلٍّ وذاكر، ويصافحونهم ويؤمِّنون على دعائهم حتى يطلع الفجر.

  فإذا طلع الفجر، قال جبريل #: يا معشر الملائكة: الرحيلَ ... الرحيلَ، فيقولون: يا جبريل ما صنع الله في حوائج المؤمنين؟ فيقول: إن الله نظر إليهم في هذه الليلة، وعفا عنهم، وغفر لهم، إلا أربعة: رجل مدمن خمر، وعاق والديه، وقاطع رحم، ومشاحن، قيل: وما المشاحن يا رسول الله؟ قال: «المُصَارِم».

  هذه ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، والمسلمون كل منهم يبادر ويشمّر عن ساق، ابتداءً من أول ليلة تدخل منها، فبعضهم يعتكف ويلبث في المسجد؛ ليتفرّغ تماماً للعبادة، ويوزع أوقاته في أعمال الخير وما يقرّبه إلى الملك الجليل سبحانه.

  والقارئ للقرآن يشتغل بتلاوته، والذي لا يحفظ القرآن يوزع أوقاته بين الاستماع للقرآن والتهجد والاستغفار والدعاء وما شابه ذلك.

  ومن أعطاه الله سبحانه مالاً يتحرى أن يخرج زكاته في تلك الليالي المباركة، والمتصدق يتصدق بما تجود به نفسُه.

  وعلى كل حال كل يريد أن يقدم لنفسه في ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وحتماً سيدركها، فإنها في ليالي العشر، وليلة التاسع عشر من شهر رمضان، كما ذلك مذكور في أحاديث مروية عن الرسول المصطفى ÷.

  أيها القارئ الكريم ... تعال لننظر ما قدم أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ورأس العارفين، الإمام علي بن أبي طالب # في هذه الليلة، ليلة القدر؟

  إنه قدّم روحه، وأغلى ما لديه، قدّم نفسه الطاهرة، ودمائه الزكية، قرباناً في سبيل الله ... إنها الشهادة في سبيل الخالق ومبادئه، أعلى مقام، سنام الإسلام، وهي الحياة في دار الحياة، اشترى الحياة كل الحياة، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي