أهل الخشية لله سبحانه وتعالى:
  كان إذا تغير الهواء، وهبَّت ريح عاصفة، يتغير وجهه، ويقوم ويتردّد في الحجرة ويخرج، كل ذلك خوفاً لله ومن عقابه». ويروى أنه قرأ سورة الحاقة فغشي عليه.
  ويروي أبو الدرداء أن إبراهيم خليل الرحمن كان يُسمع أزيز قلبه من مسيرة يوم خوفاً من ربه وقال مجاهد: بكى داود # أربعين يوماً ساجداً حتى نبت المرعى من دموعه وحتى غطّى رأسه فنودي: يا داود أجائع فتُطعم أم ظمئان فتُسقى أم عار فتُكسى؟ فنحب نحبة هاج العود فاحترق جوفه فأنزل الله التوبة والمغفرة فقال: يا رب اجعل خطيئتي في كفي فصارت خطيئتُه مكتوبةً في كفه، وكان لا يبسط كفه لطعام ولا لشراب ولا لغيرهما إلا رآها فأبكته، ويقال أنه خرج يوماً الى الناس يعظهم ويخوفهم فخرج في أربعين ألفاً فمات ثلاثون الفاً فما رجع إلا في عشرة آلاف.
  وكم ... وكم من الدروس في حياة الأنبياء $ في باب الخشية والخوف.
  ويأتي في الدرجة الثالثة أهل البيت النبوي $ من أئمة آل رسول الله ÷ فلقد ضربوا أروع الأمثلة في هذا الباب، ولم يعبروا عنها تعبيراً فحسب، بل استشعروا الخوف والخشية في قلوبهم، واستصحبوا ذلك في جميع أعمالهم، وأبسط الأمثلة على ذلك هو ما ذكره الله في سورة (الإنسان) وما امتدح به الإمام أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي # مع سائر أهل البيت $ يقول تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ٧ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ٩ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ١٠}[الإنسان].
  ومن المعلوم تاريخياً أن الإمام علي # وصل إلى منزلة من الخوف والخشية لم يصلها أحد من الصحابة، وإننا عند التأمل في أدعيته ومواعظه وخطبه نكاد نقول: إن الخشية كل الخشية قد تغلغلت في صدر ذلك العملاق وقد شغفت قلبه.