مقام الشاكرين
  فسبحان الله ما أعظمه، وما أكرمه، وما أرحمه بنا!
  ومقام الشاكرين عظيم، فلقد روي عن الرسول ÷، أنه قال: «ينادي مناد يوم القيامة: ليقم الحمّاون، فتقوم زمرة فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة، قيل: ومن الحمّادون؟ قال: الذين يشكرون الله على كل حال».
  ويقول الرسول ÷: «ليتخذ أحدكُم لساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً».
  شكر الله مجالاته واسعة، فأداء الواجبات من شكر الله، والابتعاد عن المحرمات والانتهاء عنها من شكر الله، والقيام بالمستحبات من شكر الله، وطلبُ العلمِ الشريف الخالص كفيلٌ بأن يوصل صاحبه إلى مكانة رفيعة حتى يكون من الشاكرين لله تعالى.
  ولنتأمل قوله تعالى في شأن النبي سليمان #: {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ١٩}[النمل: ١٩]، وقال تعالى: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ٤٠}[النمل].
  ولنتأمل في الحديث الشريف، الذي يرفعه الإمام الصادق #، قال: «إن الله تعالى منَّ على الناس بعدِّ ثلاث: مَنّ عليهم بالدّابة تكون في الحَبِّ، فلولا ذلك ما كنزت الملوك غيرها، ومنّ عليهم بالسلوى بعد المصيبة، فلولا ذلك ما قَرُب ذكر أنثى ولا عُمِِرت الدنيا، ومنّ عليهم بالريح المنتنة بعد الريح الطيبة، ولولا ذلك ما دفن حميمٌ حميماً».
  ومن شكر الله سبحانه وتعالى الشكر لذي الإنعام من بني البشر على صنيعه، فلقد روي: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» ومن هذا الشكر الثناء الحسن، والدعاء لهم بظهر الغيب، ولنتأمل الحديث النبوي الشريف الذي يُروى عن رسول الله ÷: «إن لله أقواماً يخصهم بالنعم لمنافع العباد، ويُقِرُّها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نَزَعها منهم، فحوّلها إلى غيرهم».