الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)
  المسلم جاء يوم القيامة ولوجهه نور يضيء مثل نور القمر، وتلقته الملائكة بالبشارة، ودخل الجنة آمناً، وأعطاه الله من الثواب ما لا يصفه واصف، ولا يحيط بمعرفته عارف.
  قال العالم: فما أمرّ الأشياء؟
  قال الوافد: سيئة يتبعها سيئة، ولا يكون عليها ندامة، ولا يرجع صاحبها إلى توبة.
  قال العالم: فما أطيب الأشياء؟
  قال الوافد: العافية مع المعرفة، ووضع الأشياء في مواضعها، ومجالسة العلماء، ومدارسة الحكماء، وحضور مجالس الذكر، والتفكر في الصنع، والمبادرة في أعمال البر، وصلاح ذات البين، والتجهز للرحلة، والاستعداد للموت.
  قال العالم: فما أهول الأشياء، وأعظمها فزعاً؟
  قال الوافد: إذا نفخ في الصور، وبعثر من في القبور، واجتمع الخلائق إلى الموقف المتضايق، فهنالك الفزع العظيم، والخطب الجسيم، وكل واحد منهم يقول: نفسي نفسي، لا يسأل في ذلك اليوم والد عن ولده، ولا ولد عن والده، ولا أخ عن أخيه {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}[المدثر].
  قال: فلما انتهى الكلام بالعالم والوافد إلى هذا الحد، عرف العالم أن الوافد حسن المعرفة، جيّد الفطنة، رصين الدين، صحيح اليقين، متين الورع، كثير الفزع، أقبل عليه العالم بوجهه، وقال: أيها الوافد الصالح، والتاجر الرابح، والخليل الناصح: اسأل عما تحب يرحمك الله [ثم سأل الوافد أسئلة عن المعرفة وعن الإيمان وغير ذلك].
  [ثم] قال الوافد: فما وراء ذلك؟
  قال العالم: الإسلام، هو: أن تسلم للذي آمنت به.