الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)
  ومن الإسلام أن تسلم كليتك إلى أعمال الطاعات، فإذا بلغت ذلك سلمت من العقاب، وسلم الخلق منك، ويكون إسلامك بالظاهر والباطن، حتى لا يخالف قولَكَ فعلُكَ، ولا فعلُكَ قَولَكَ، فيكون ظاهرك هو باطنك، وباطنك هو ظاهرك، وتكون موقناً بالوحدانية، معترفاً بالعبودية، مقراً بالربوبية، مجلاً للعظمة، هائباً للجلالة، فرحاً بالمَلَكَة(١)، محباً للطاعة، طالباً للرضى، خائفاً للبعث، راغباً للجزاء، راهباً للعذاب، مؤدياً للشكر، مداوماً على الذكر، معتصماً بالصبر، عاملاً بالفكر، فهذا عمل الباطن.
  وأما الظاهر: فالاجتهاد في أداء الفرائض والسنن، والفضائل والنوافل، منها: الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأمر، والنهي، وقراءة القرآن.
  ومن السنن: الختان، وصلاة العيدين، وحلق العانة، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب، والسواك. ومن الفضائل: صيام رجب، وشعبان، والأيام البيض، والاثنين والخميس.
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: وراء ذلك المواصلة، والمعاونة، والمؤاساة، والمؤاخاة في الله، والحب لأولياء الله تعالى، والبغض لأعداء الله، وصلة الرحم، وبر الوالدين، ورحمة اليتيم، ومعونة الضعيف، وتعليم الأولاد، وإنصاف الزوجة فيما تسألك عنه وهي ناظرة إليك، والعناية في تعلمها، والأمر لها فيما لا بد لها منه، والنهي لها عما لا حاجة لها إليه، ولزومها لمنزلها، وطول الحجاب، وتصفية الأثواب، وتعليم الحكمة والصواب، مع لزوم العفاف، والرضى بالكفاف، والصيانة لها من التبرج من اللهوج والأبواب، والتشرف إلى أهل الفحش والارتياب، ومنع الدّخالات إلى دار المسلمات، مما لا يشاركهن في الدين والإحسان، فأولئك
(١) أي تفرح بأنك مملوك لله تعالى.