الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)
  هاتكات الستور، ومبيحات كل محظور، والناقلات الكلام الزور، والجالبات للفحشاء والفجور، والمبغِّضات للنعمة، والمدخلات على المؤمنات الهم، والمفرقات للألفة، والراعيات للكشفة؛ ولقد روي عن علي #: «أحب إلي أن أجد في منزلي مائة لص يسرقونه، أهون علي من أن أجد فيه عجوزاً لا أعرفها».
  ومن ذلك إنصاف الخادم فيما يقدر عليه، والنهي له عن ما لا حاجة له فيه، والرفق به فيما لا يقدر عليه، والنظر له فيما لا يدري، فهذا الأمر بالمعروف.
  وأما النهي عن المنكر، فمن المنكر: فعل الشرور، والقول السيئ، والقول بالفواحش، والغدر، والتيه.
  ومن الفعل: القتل، والزنا، والربا.
  ومن التيه: الرياء، والكبر، والحسد، والبغضاء، والشحناء.
  ومن الفعل: أخذ أموال الناس سراً وجهراً، ومن القول: النميمة، والغيبة، وشهادة الزور. فهذا من النهي عن المنكر.
  [ثم] قال الوافد: وما التقوى؟
  قال العالم: لسانك، وعينك، ويدك، وفرجك، وظنون قلبك. فلا تنظر بعينيك إلى ما لا يحل لك، فإن النظرة الواحدة تزرع في القلب الشهوة، وهي سهم من سهام إبليس. وتحفظ لسانك عن الكلام فيما لا يعنيك فلا تفعل ما لا يحل لك. ولا تمد يدك إلى ما لا يحل لك، فإن لم تفعل فما اتقيت الله، ولك في ذلك المغفرة والرحمة، وذلك قول الله ø: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}[طه].
  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟
  قال العالم: القيام بما أمر الله به حتى تعرف عملك، فتضع كل شيء منه في موضعه، وتعرف خطأه وصوابه، ويكون ذلك العمل متابعاً للعلم مطابقاً له، ويكون فيه الرغبة، واليقين، والإخلاص، والحياء، والاستقامة، وتعرف الرجاء