دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 247 - الجزء 1

  قال الوافد: بيِّن لي ذلك؟

  قال العالم: صاحب اليقين يعلم أن العلم متصل بالنية، فكلما يخطر خاطر في قلبه، علم أن الله قد علمه فيلحقه الخوف، ويبادر بالتوبة قبل أن يعمل الذنب، فتوبته مقبولة، وذنبه غير مكتوب، وإنما يكتب ذنبه لو أصر عليه، ولم يتب منه.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: وراء ذلك الإخلاص في الدين، وهو في القول، والعمل، والاعتقاد، قول خير، وعمل خير، واعتقاد خير، أما سمعت ما قال الله ø في كتابه: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}⁣[الزمر: ٣].

  قال الوافد: بيِّن لي هذا يرحمك الله؟

  قال العالم: هو أن يعلم العبد أنه بين يدي سيده يراه، ويسمع كلامه، ويعلم ما في نفسه، فيجعله أمله، وتكون الطاعة عمله، ولا يغيب عن مشاهدته، ولا يزول إلى معاندته بإزالة، قلّت الدنيا في عينه، وتعلّقت الآخرة في قلبه، فقيامه طاعة، وقوله نفاعة، وكلامه ذكر، وسكوته فكر، قد قطع قوله بعمله، وقطع أمله بأجله، وخرج من الشك إلى اليقين، فقلبه متعلّق بحب الآخرة وجسده في الدنيا، أحبّ الأشياء إليه الخروج من الدنيا إلى الآخرة، فقلبه وجل، ودمعه عجل، وصوته ضعيف، وكلامه لطيف، وثقله خفيف، وحركته إحسان، وتقلبه إيمان، وسكوته إيمان.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: حب الحق، وبغض الباطل، وحب من أطاع الله قريباً كان أو بعيداً، وبغض من عصى الله قريباً كان أو بعيداً.

  قال الوافد: كيف أحب من أطاع الله قريباً كان أو بعيداً؟

  قال العالم: يسرّك ما يسرّه، ويسوءُك ما يسوءه، وتدخل السرور عليه، وإن كان أعلم منك تعلمت منه، وإن كنت أعلم منه علّمته، وحفظته في محضره