دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 248 - الجزء 1

  ومغيبه، وواسيته وأعنته، ورعيت صحبته، وجعلت ذلك لله وفي الله، ولا يكون في ذلك منَّاً ولا أذىً.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: وراء ذلك الحياء من الله.

  قال الوافد: بيِّن لي ذلك؟

  قال العالم: ذلك على ثلاث:

  أولهن: أن يعلم العبد أن طاعة الله عليه، وأن رزقه على الله، أفلا يستحيي العبد من الله أن يراه حريصاً على رزقه، كسلاناً عن طاعة ربه، يمن على قومٍ أجسادُهم معافاة، وعقولهم ثابتة، وقلوبهم آمنة، ونفوسهم طيبة، قد أحسن إليهم، فلا ينظرون إلى شيء من قدرة الله فيتفكرون، وإلى نعمه عليهم فيشكرون، ولا إلى من كان قبلهم فيعتبرون، ولا إلى ذنوبهم فيستغفرون، ولا إلى ما وعدهم الله في الآخرة فيحذرون، أفلا يستحيي من آمن بالله أن يراه مع أولئك مقيماً لا بثاً؟! ومساكناً مواسياً؟! وحاضراً مجالساً؟!

  وأما الثانية: فإن الله أعطى وقضى، يعطي وهو راضٍ، أفلا يستحيي العبد من الله أن يرضى برضى ربه عند العطاء، ولا يرضى برضاه عند القضاء، كما يرضى برضاه عند العطاء.

  وأما الثالثة: فإن الله يرضى لعباده الجنة، ويأمر بالعمل لما يصلح لها فيعمل العبد ما لا يرضى الله، ويكره ما يرضى الله له من الخير، ويرتكب المعاصي والشرور، ولا يرضى برضى الله له، ويكون له ولد يحبه ويريده الدنيا، وربما قبضه الله إليه وهو له ولي ... أفلا يرضى العبد بقضاء الله كما يرضي أولاً بعطائه، وهو يعلم أن موت ولي الله خير له من حياته في هذه الدنيا الفانية، المحشوة هموماً وغموماً ونغصاً وغصصاً وآفاتاً وشروراً.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟