دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 249 - الجزء 1

  قال العالم: وراء ذلك الاستقامة. أما سمعت الله تعالى، يقول: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠}⁣[فصلت].

  قال الوافد: بيِّن لي ذلك؟

  قال العالم: الاستقامة، هي: أن الدنيا قيامة، فلا يلتفت فيها إلى كرامة، ولا يبالي فيها بالملامة. الاستقامة تؤدي صاحبها إلى السلامة، والمستقيم صادق، وبالحق ناطق، عمله في خضوع، وقلبه في خشوع، وروحه في رجوع، وسره يروع، وجسمه سقيم، وقلبه سليم، مقيم بلا التفات، مداوم على المراقبات، ملازم للأمر، ومدمن على الزجر، وطالب للأجر، تارك للهوى، مقيم على الوفاء، حريص على التقى، مجتهد على الصفاء.

  ليله قائم، ونهاره صائم، إلف من آلف، صابر عاكف، تآم الصحبة، دائم المحبة، مجيب غير مريب، معرض لا متعرض، مطيع غير مريع، طالب راهب، مسلم مستسلم، مقر لا منكر، محتقَر لا محتقِر، متواضع غير مستكبر، مقبل غير مدبر.

  علامة المستقيم: أن يستقيم له كل معوج، ويُسلَك به خير منهج، عالماً يقتدى به، ولياً يهتدى به، ولا يكون ممن يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

  قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله؟

  قال العالم: أما علمت أن الدنيا شدة ورخاء.

  قال: بلى.

  قال: فليكن حالك في الشدة كحالك في الرخاء.

  قال: بيِّن لي ذلك؟

  قال: أليس الرخاء حساب، والشدة ثواب؟

  قال: بلى.