دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس الواحد والثلاثون (وقفات وتأملات)

صفحة 254 - الجزء 1

  وكثرة التحميد، من أراد البر لم يكتسب الوزر، من أراد العطاء صبر على البلاء.

  لا تنال شهوات الآخرة إلا بترك شهوات الدنيا، لا تنال النعيم، إلا بترك النعيم، لا تنال معانقة الحور، إلا بصلاح الأمور، ومجانبة الشرور، ورفض المحذور.

  لا ينال الشفاعة، إلا من قام لأخيه بالنفاعة، وحافظ على صلاة الجماعة، وأطعم الأيتام في المجاعة. من أحب الشرب من حوض الرسول ÷ فليترك كلام الفضول، ويتثبَّت فيما يقول، فإنه لا بد مسئول.

  قال الوافد: صف لي الحياء؟

  قال العالم: من عمل بالرياء بعُد منه الحياء، وحجب منه الضياء، وتكدرت عليه الدنيا، وعاش في الناس يهودياً، وحشر يوم القيامة مجوسياً.

  قال الوافد: كيف أنال حلاوة الطاعة؟

  قال العالم: لا تدرك الحلاوة، إلا بإدمان الفكر والتلاوة، ولا تنال حقائق المعاني إلا بترك الأماني، ولا يتمكن في قلبك الخوف والوجل، إلا برفض الدنيا، وقصر الأمل، وإخلاص العمل، وهجران الكسل.

  قال الوافد: صف لي محض الورع؟

  قال العالم: لا تنال الورع، إلا بكثرة الخوف والفزع، واختيار الجوع على الشبع، وبترك الشهوات والطمع، وصفا عند ذلك قلبك، ونلت لذة السهر والقيام، وقربت من ذي الجلال والإكرام، وملكت نفسك، ووافقت أنسك، ورضي عنك الرب، وغفر لك الذنب.

  واعلم أنك لا تنال من الله البرّ والسلامة، إلا بالصبر والاستقامة، ولا تنال حقائق الرجاء، إلا بالانقطاع إلى الله والالتجاء، ولا تنال الكرم والتَّفَضُّل، إلا بالندم والتبذّل، ولا تنال الراحة، إلا بكثرة النياحة، ولا تنال الولاية، إلا بالمحافظة والرعاية، ولا تنال مجاورة الأبرار في دار القرار، إلا بترك الأوزار، ولا يخشع القلب ويلين، إلا بتفكر وتبيين، ولا تنال الخوف، إلا بترك عسى وسوف،