الدرس الخامس القرآن الكريم المعجزة العظمى
  ثم قال المولى العلامة علي بن محمد العجري - رحمة الله تعالى تغشاه - وكأنه يجيب على تساؤل ما حكم ما يُعْطَى من العوض على تعليم أو تلاوة القرآن الكريم ص (٣٢٣٣):
  إذا عرفت هذا فالأولى أن يقال العمل بالدليلين هو الواجب مهما أمكن، وهاهنا الجمع ممكن بلا كلفة بأن تحمل الآية [(وهي قوله تعالى في (سورة البقرة): {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ٤١})] وما في معناها على تحريم أخذ العوض على كل أمر واجب يتعلق بالقرآن من تعليمه، وتبليغ أحكامه المستنبطة منه؛ لأن الواجب منه يجب تبليغه لوجهه، أو محظور كالتحريف والتبديل والكتم لأحكامه ونحو ذلك مما يتعلق به من هذين النوعين(١)، لأن الأخذ على أحد هذين الوجهين يكون من أكل أموال الناس بالباطل، ويحمل حديث ابن عباس وما في معناه، كأحاديث الرقية [الأحاديث المشهورة عن جمع من الصحابة أنهم مروا على حي من أحياء العرب، فطلب أهل الحي من الصحابة الرقية لسيدهم الذي لدغ، فرقوه بالفاتحة، فأعطوهم جعلاً ... إلى آخر ما هناك، وسيأتي إن شاء الله تعالى] على جواز أخذ العوض على ما يصح تعلقه بالقرآن من الأمور التي ليست بواجبة ولا محظورة كالرقية والتلاوة ونحوهما مما يمكن تعلقه به على هذا الوجه، ويدخل في ذلك كتابته بالأجرة، وهذا جمع حسن يقتضيه العقل والشرع.
  أما العقل: فلأنه لا قبح في أخذ العوض على ما هذا حاله.
  وأما الشرع: فلأنا لم نجد فيه منعاً من أخذ العوض على ما ليس بواجب ولا محظور يعلم ذلك من ضرورته مع ما فيه من الجمع، وعدم الإهمال، واعتبار عموم لفظ الحديث وهو أولى من قصره على سببه الذي هو الرقية، وكون سبب
(١) يعني الواجب والمحظور. تمت. مؤلف. [المؤلف هو العلامة الولي مؤلف (مفتاح السعادة) علي بن محمد العجري رحمة الله تعالى تغشاه].