دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

[وجوب إخلاص طلبة العلم]

صفحة 47 - الجزء 1

  رجلٌ آتاه الله علماً فبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعاً ولم يشتر به ثمناً فذلك تصلي عليه طير السماء وحيتان الماء، ودواب الأرض، والكرام الكاتبون، يقدم على الله ø يوم القيامة سيداً شريفاً حتى يرافق المرسلين، ورجل آتاه الله علماً في الدنيا فَضَنَّ به على عباد الله وأخذ عليه طمعاً واشترى به ثمناً فذلك يأتي يوم القيامة ملجماً بلجام من نار ينادي مناد على رؤوس الخلائق هذا فلان بن فلان آتاه الله علماً في الدنيا فَضَنَّ به على عباده، وأخذ به طمعاً، واشترى به ثمناً، فيعذب حتى يفرغ من حساب الناس».

  ثم قال ¦ (ص ٣٢٥٣): فإن قيل: هذه الأدلة إنما تدل على تحريم أخذ العوض على التعليم حيث قصد بتعليمه التوصل إلى العوض، فأما إذا لم يقصد ذلك فلا وجه لتحريم ما أخذه ولا تقتضيه هذه الأدلة.

  قيل: لا نحكم إلا بتحريم ما كان عوضاً في مقابلة التعليم، والأدلة لا تتناول إلا ذلك، فأما إذا أخذ من المتعلم ما يعطيه على جهة البر والإحسان وإرادة وجه الواحد المنان لا لتعليمه فلا نقول بمنعه، ولا يقوله فيما أحسب أحد من أهل العرفان لخروجه عن أدلة التحريم، وقد كان النبي ÷ يقبل ما يتحفه به أصحابه وهو المعلم لكل خير والهادي إلى الرشد، وكذلك أمير المؤمنين ثم من بعده من أهل بيته $ وغيرهم، وذلك معلوم لمن بحث، وجرى على ذلك علماء الأمصار في جميع الأعصار إلى يومنا هذا، ويدل على ذلك ما ورد من الحث على الصدقة وفعل المعروف إلى كل أحد، ثم ما جاء في فضل إكرام المؤمن والإحسان إليه، ثم ما ندب الله إليه من إكرام العلماء خاصة والإحسان إليهم، فالعلماء إذا أخذوا ممن يعلمونه على هذا الوجه مهتدون بهدي النبي صلى الله عيه وسلم، ومقتدون بعمل الوصي وأهل بيته $، وعلماء السلف والخلف من هذه الأمة، وداخلون في عموم من حث الله على التصدق عليهم الأسود والأحمر، واختصوا بعد ذلك بما جاء في فضل الإحسان إلى المؤمنين ثم بما جاء من الحث على إكرام العلماء خاصة.