دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس السابع الوسائل المعينة على فهم القرآن

صفحة 54 - الجزء 1

  الاستعاذة لا تكون إلا من الله تعالى عن ذلك كما سيأتي، وفي هذا من سوء الأدب، ومخالفة العقل، والكتاب والسنة ما لا يُؤْمَنُ عليه الهلاك بسببه [أي الرازي] فإن أريد بذلك الحكاية، أو مجرد الجدل فقد لبَّس وشكَّك في موضع يجب عليه البيان فيه، فالله المستعان.

  [ثم قال العجري رحمة الله تعالى تغشاه]: وهذا هو ما حكيناه من التزامه كون الاستعاذة لا تكون إلا من الله تعالى، وقد حكينا لفظه بذاته، وهو كما ترى قد تضمن من سوء الأدب ما لا مزيد عليه، وصدق بإيراده ما ورد فيه وفي أصحابه من أنهم جند إبليس، وشهود الزور، ولولا خوف ارتكاب المحظور بعدم الجواب عليه لما ذكرته.

  إذا عرفت هذا فاعلم أن هذا الرجل من فحول العلماء، وممن لا تخفى عليه دلالات الألفاظ ومعانيها، إلا أنه كثير المغالطة والتعصب لأصحابه وإن كان مخالفاً لهم في كثير من المسائل كما سيأتي بيانه.

  [فالبصيرة البصيرة أخي الناظر، ولنرجع إلى بقية كلام مؤلف (مفتاح السعادة) حول الأمر الرابع (أي لا يتقيد بمذهب مخصوص) ذاكراً لبقية كلام ابن أبي الحديد قال]:

  ويصعب عنده الانتقال منه، ويسوءه أن يرد عليه حجة تبطله، فيسهر عينه، ويتعب قلبه في تهويس تلك الحجة والقدح فيها بالغث والسمين، لا لأنه يقصد الحق، بل يقصد نصرة المذهب المعين، وتشييد دليله، لا جرم أنه متحير في ظلمات لا نهاية لها، والارتباك: الاختلاط، وارتبك الرجل في الأمرِ: أي نشب فيه ولم يكد يتخلص منه، ومدت له شياطينه أي: طولت، وزينت له سيء أعماله، مأخوذ من قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَأَىهُ حَسَنًا}⁣[فاطر: ٨].

  قلت: ولا تكاد تجد اختلافاً بين المحققين في ذم التمسك بمذهب مخصوص لغير دليل والتعصب له، لكن الأكثر خالفوا في العمل.