دروس رمضانية،

علي بن أحسن الحمزي (معاصر)

الدرس السابع الوسائل المعينة على فهم القرآن

صفحة 55 - الجزء 1

  الخامس: أن يؤدي النظر حقه في أدلة المحقين وشبه المبطلين، ويستوفي ما عثر عليه من أقوالهم ومستنداتهم عقلاً وكتاباً وسنة وغيرها، فإنه لا يعرف الحق ويقطع به إلا من عرف الباطل وبطلانه، وإلا فلا يأمن أن ترد عليه شبهة لا يتمكن من حلها لضيق وقت، أو عدم من يراجعه فيها، أو فتور في همته لزمانة ونحوها، أو تعذر كتب البحث عليه فيبقى في حيرته ويضعف يقينه، وقد أرشدنا الله إلى هذا في كتابه العزيز بما حكى فيه عن الدهرية والثنوية، وغيرهم من الملل الكفرية من الأقوال الباطلة، وبما رد عليهم به من الحجج القاطعة على تنوعها، فتارة بالإلزام، وتارة بالقياس، وتارة بمطالبتهم بالبرهان إلى غير ذلك مما اشتمل عليه القرآن.

  وبالجملة إنه لا يعرف الحق إلا من عرف الباطل كما نص عليه باب مدينة علم الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وعلى هذا جرى أئمة العترة $ وغيرهم، فإن كتبهم مشحونة بأقوال المختلفين أصولاً وفروعاً حتى بكلام الملاحدة والفلاسفة وشبههم مع الرد عليهم، وبيان بطلانها.

  ومن كلام علي #: (واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه). رواه في النهج⁣(⁣١).

  وقال زيد بن علي #: (أما بعد يا قارئ القرآن فإنك لن تتلو القرآن حق تلاوته حتى تعرف الذي حرفه، ولن تمسك بالكتاب حتى تعرف الذي نقضه، ولن تعرف الهدى حتى تعرف الضلالة، ولن تعرف التقى حتى تعرف الذي تعدى، فإذا عرفت البدعة في الدين والتكليف، وعرفت الفرية على الله والتحريف رأيت كيف اهتدى من هدي).


(١) ص (٢٠٥ - ٢٠٦).