[فصل في الأخبار]
  الإخبار يحصل به العلم من طريق الإستدلال، كأن نقول: هؤلاء عدد لا يجوز على مثلهم التواطئ(١) في مجرى العادة وإن جرى التواطؤ ظهر في مجرى العادة لتباين أغراضهم، وينقلون خبراً سالماً(٢) من الإحتمال ينتهي إلى المشاهدة، وما لا يجوز فيه اللبس ولا بد من حصول العلم به، وإلا انتقضت العادة، وانتقاضها لايجوز فلا بد من حصول العلم، وبهذه الطريق(٣) حصل لنا العلم بكثير من أصول الشرائع كالنص على أمير المؤمنين وعلى ولديه $، وهذا على أبلغ وجهٍ سلمناه للخصم، وإن كنَّا ندعي في خبر الغدير والمنزلة حصول الضرورة، وكالعلم بكثير من أحكام الصلاة والزكاة والحج والصيام إلى غير ذلك، وأحكام قتال البغاة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # إلى غير ذلك.
  فأمَّا القسم الثالث: وهو ما يحصل به غالب الظن من الأخبار، فهذا المسمى بأخبار الآحاد وهو ما يجمع ثلاث شرائط، أحدها أن يكون سليم الإسناد من المطاعن، سليم المتن من الإحتمالات، متخلصاً من معارضة الكتاب والسنة، فمتى حصل على هذه الشرائط صح العمل به في الأحكام دون الإعتقاد والأصول، وفي كل نوع من هذه الضروب الثلاثة التي ذكرناها خلاف كثير وفروع يبتني(٤) عليه فاضربنا عن ذكرها خشية الإطالة، ومتى أختل شرطٌ من الشروط الثلاثة، إمَّا أن يطعن في رجال سنده أو في أحدهم أو يكونوا مجاهيل أو أحدهم، فإنه لا يصح، وكذلك إذا كان محتملاً لوجوهٍ بعضها صحيح وبعضها فاسد، لم يكن من يريد تصحيحه بحمله على الوجه الصحيح أولى ممن يريد إفساده بحمله على الوجه
(١) التواطؤ. (ظ).
(٢) في (ب، وج): سالماً، وفي (أ): سليماً.
(٣) في (ج): وبهذه الطريقة.
(٤) في (ب): تنبني، وفي (ج): تبتنى.