العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان التواتر]

صفحة 145 - الجزء 1

  كما قال النبي ÷ «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه اللّذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه»⁣(⁣١)، وكما قال تعالى حاكياً عن أهل النار: {يَاوَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً ٢٨ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ..} الآية [الفرقان: ٢٨ - ٢٩]، وكما قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}⁣[البقرة: ١٦٦] لأن ما ذكروا من الآثار، التي أنهوها إلى النبي المختار، لو كان ديناً لله تعالى لوجب أن يوصله إلينا، ليلزمنا حجته، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}⁣[الأنفال: ٤٢] بأي سبب شاء الله سبحانه وتعالى، إما بأن يضطر إلى العلم به كما علمنا أصول الشرائع جملة، ولو سئلنا عن الطريق لما أمكنتنا الإجابة إلاَّ على أنا نعلم ذلك ضرورة ويعلمه كل مسلم، ولا يمكن أحداً من المسلمين إنكاره ولا دعوى الجهل به، لو قال بعض المسلمين: لم يحجج⁣(⁣٢) النبي ÷ كفَّره المسلمون، ولم ينصبوا عليه دليلاً إلاَّ علمه بذلك، أو قال بعضهم: ولم يرد في شرعه التعبد بالصلاة ولا الزكاة ولا علم من دينه أن هذا القرآن كلام الله، وكما نقول في خبر


(١) الحديث شهير، وقد أخرجته أغلب مصادر الحديث بألفاظ متقاربة فممن أخرجه: البخاري ٢/ ١٢٥، وأبو داود برقم ٤٧١٤، ٤٧١٦، وأحمد بن حنبل ٢/ ٢٣٣، ٢٧٥، ٢٨٢، ٣٩٣، ٤١٠، ٤٨١، ٣٥٣، وهو في مسند الحميدي برقم ١١١٣، ومسند أبي حنيفة برقم ٦، وفي إتحاف السادة المتقين ٢/ ٢١٨، ٧/ ٢٣٣، ٢٣٤، ٨/ ٥٦٧، وهو في تفسير الدر المنثور ٥/ ١٥٥، ٦/ ٢٩٦، وفي تفسير ابن كثير ٢/ ٣٦٨، ٣/ ٣٨٦، ٥/ ٥٣، ٦/ ٣٢١، ٨/ ٣١١، ٤٠٠، ٤٣٤، ٤٤٩، ٥٠٠، وفي تفسير القرطبي ٥/ ٣٩٥، ١٤/ ٢٦، ١٨، ١٣٣، وفي حلية الأولياء ٩/ ٢٢٨، وتاريخ أصفهان ٢/ ٢٢٦، وموطأ مالك ٢٤١، وانظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ٦/ ٤٤٨، ٤٤٩.

(٢) في (ب): ولم يحجج، وفي (ج): ولم يحج.