العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بعض الأدلة على عدم علم أمير المؤمنين بالغيب]

صفحة 164 - الجزء 1

  إليك، أو قال: إلينا أبداً، فكان كما قال العباس، قال علي # بعد ما بويع له: والله ما دعيت إليه حتى قمت مقامي هذا، فلو كان يعلم الغيب كما قالوا لكان إعطاؤه لهم الخمس من المعاصي العظيمة، ولكن حسَّن الظن بهم فخانه ظنه، ومن ذلك فعل معاوية اللعين وكيده في قيس بن سعد بن عبادة لما ولي مصر واستحكم أمره فيها، وكاد معاوية، وكان من دهاة العرب فصار معاوية بين شفرتي الجلم مصر والعراق.

  وكان قومٍ من فرسان العرب وحماة شجعانهم⁣(⁣١)، منهم مسلمة بن مخلد، ومعاوية بن خديج في غيرهم، وكانوا عثمانية قد التجوا في خمسمائة فارسٍ إلى حرسا⁣(⁣٢) أو قيل: مرقسا والشام في ظهورهم فخادعهم قيس بن سعد |، بأن قال: أدر لكم أرزاقكم ولا تعرضوا في جباية البلد ولا تظاهروا عدونا يعني معاوية حتى تعلموا ما يكون من أمرنا وأمره، فرضوا بذلك، ودعاهم معاوية فلم يجيبوه، فأعمل الملعون كيده فأظهر في بلاد الشام أن قيس بن سعد قد صار من جملتنا، فادعوا له في المساجد، [ولو لم تعلموا صحة ذلك]⁣(⁣٣) إلاَّبكفّه عن حرب أصحابكم، وكان عين علي # على أهل الشام عمرو بن حطبان الواقشي ثم الدهمي ثم الشاكري في آخرين فجاءوا إلى علي # بعلم ذلك، فكتب علي # إلى قيس بن سعد | يأمره بحرب القوم فرد الجواب يا أمير المؤمنين، إن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، والقوم لم يغيروا لي عملاً ولا بعثوا على حرباً، والشام في ظهورهم، إن أردت حربهم لم آمن إمداد معاوية لهم فيعظم الخطب على ذلك وهم فرسان العرب، فلما جاءه الكتاب قوي ذلك الظن في


(١) في (ج): شجعانها.

(٢) في (ب): حريبا.

(٣) في (ب، وج): ولم تعلموا بصحة ذلك.