العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بعض الأدلة على عدم علم أمير المؤمنين بالغيب]

صفحة 165 - الجزء 1

  خيانته، فكتب إليه ثانية لا بد من حرب القوم، فكتب إليه يا أميرالمؤمنين، لا تفسد عليَّ رأيي فإني أنتظر فرصة القوم، وعند إمكانها انتهزها إن شاء الله، فأتاه عبدالله بن جعفر ¥، وقال: هذا أكبر دليل على أن الرجل قد أصغى إلى عدوك وداهنه، فكتب إليه # كتاباً وغلَّظ فيه، ورجع جوابه من قيس بن سعد: أما بعد يا أمير المؤمنين، فإن أتاني منك كتاب بعد هذا لم أطعك ولم أعصك، وصيرت وجهي إلى بابك، فلما أتى هذا الكتاب⁣(⁣١) قال له عبدالله بن جعفر: صرَّح الرجل بالمعصية، وكان له هوىً في أخيه محمد بن أبي بكر |، فقال لعلي #: ولِّ محمداً مصرا فولاه وعزل قيس بن سعد، وكان قيس ¥(⁣٢) أشد الخلق على معاوية، فلما وصل محمد إلى مصر تلقاه قيس بن سعد بالإنصاف، وقال: جئت زائراً أو عازلاً؟ قال: بل زائراً، قال: بل عازلاً، ولكن، والله ما يمنعني عزل أمير المؤمنين لي من النصيحة له في عدوه، إياك أن تحارب هؤلآء القوم، فإن حاربتهم خرجت مصر من يدك، ولكن أسلك معهم مسلكي فظن أنه خدعه فأظهر مساعدته وفي ضميره غير ذلك، فلما وصل قيس بن سعد إلى علي # وحقق له الأمور شفاها علم صدقه، وقام محمد | لحرب القوم، فوجه إليهم قائداً في جيش فقتلوه وهزموا جيشه، ثم وجه آخر فكذلك، واستصرخوا بجنود الشام فأمدهم معاوية بعمرو بن العاص في اثني عشر ألفاً، فأمر محمد في لقائهم كنانة بن بشر | فقتلوا كنانة وهزموا جيشه ودخلوا إلى مصر، فقتلوا محمد بن أبي بكر |، وبان لعلي # أن معاوية أخزاه


(١) في (ج): فلما أتاه هذا الكتاب.

(٢) في (ب، وج): |.