[بعض الأدلة على عدم علم أمير المؤمنين بالغيب]
  الله تعالى كاده في قيس بن سعد مكيدة لم يتمكن من استقالتها، فقال # في ذلك:
  لقد زللت زلةً لا اعتذر ... سوف أكيس بعدها فاستمر
  وأترك الرأي الشئيب المنتشر ... وقد يزل المرء والرأي الحذر
  فهل هذا فعل من يعلم الغيب أيها الناظر؟ وقد تقرر من علم الأئمة $ أن الإستعانة بالفاسق إذا غلب في الظن أنه لا يخون في ما استعين به فيه جائزة، فأمَّا إذا علم أنه يخون فلا خلاف أن ذلك لا يجوز قولاً واحداً، وقد استعان علي # بقوم ظهرت خيانتهم له، منهم المنذر بن الجارود العبدي فإنه كتب إليه: أما بعد. فإنه غرَّني فيك صلاح أبيك والكتاب طويل، وهذا(١) زبدته فكيف يغتر من يعلم الغيب، وكذلك وَلَىَّ عبدالله بن العباس ¥ البصرة فذهب ببيت مالها أخذه وصدر به على الإبل، والقصة مشهورة بحيث لا ينكرها أهل العلم، وخاطبه علي # في ذلك خطاباً يطول شرحه فلو كان يعلم الغيب لَعَلِم ذلك، ولو علمه لكان في توليته له عاصياً لله تعالى، وهو # معصوم، وكذلك فصل بسر بن أرطأة من الشام، فلما جاءت علياً # عيونه بخبره وتوجهه إلى أرض اليمن استنفر الناس مع جويرية العبدي | وأمره بلحاقه فلحقه إلى أرض اليمن ففاته، وقتل شيعة علي # في نجران وشبام وجيشان وصنعاء وغيرها من البلدان، وذبح ابني عبيدالله بن العباس من الحارثية والقصة فيهما مشهورة، ومشهدهما اليوم في صنعاء معلوم، وهما الذان قالت فيهما أمهما الحارثية:
  يا من أحسَّ بابني الذين هما ... كالدرتين تشفا(٢) عنهما الصدف
(١) وهذا في (أ)، وهذه في (ب).
(٢) في (ج): تشطأ.